تستيقظ كل صباح مرهقاً تجرّ نفسك بقدمين متثاقلتين، وعينين تشبهان حبتي بندورة حمراء، بينما تكابد الأمرين حتى تخرج من سريرك الوثير التي تتمنى ألا تغادره أبداً؟! تمارس بعض التمارين الرياضية الصباحية، وتتناول طعاماً صحياً على أمل أن يمدك بالطاقة والحيوية، لكن دون جدوى؟! ما الحل إذن؟

كلنا نعلم مدى أهمية النوم لحياة أكثر إنتاجية وسعادة. وبينما يظن الكثيرون أن جودة النوم مرتبطة بعدد الساعات التي ننامها، يعلم من جرّب النوم كل ليلة لـ 8 أو 9 أو 10 ساعات مدى خطأ هذا الاعتقاد الشائع! فلا تهم الساعات بقدر أهمية نوعية نومنا ومدى عمقه. يمكن لـ 6 ساعات من النوم العميق أن تزودك بطاقة أكبر بكثير من 9 ساعات بنوم سطحي متقطع.

لا شك أن هناك عشرات الأسباب وراء عدم كفاية النوم والإحساس بالتعب. لكن أحد الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة هو عدم قدرتنا على إبطاء نشاطنا العقلي قبل النوم. تشير الأخصائية «Julia Kristina » إلى عادة سلبية نمارسها بانتظام، حيث نبقي عقولنا بحالة يقظة حتى آخر لحظة، ثم نعتقد أنه بمجرد وضع رؤوسنا على الوسادة سننام كالأطفال!

المثير للانتباه، هو أن الكثيرين يظنون بأن مشاهدة المسلسلات أو متابعة حلقات يوتيوب خفيفة قبل وضع رأسهم على الوسادة، كفيلة بتهدئة العقل والجسم. لكن الدراسات تشير إلى عكس ذلك بسبب الأشعة الصادرة عن الأجهزة الإلكترونية كما تعلمون جميعاً، إلى جانب أن المشاهد المتتالية عبر الشاشة بألوانها المتنوعة تنشط مراكز الدماغ وتبقيه يقظاً.

بناء على ذلك، تنصح الأخصائية بإعطاء العقل فترة انتقالية، تسمح له بالانتقال من حالة النشاط إلى حالة الهدوء. فلا يمكن أن تتوقع توقف مركبة تقودها بسرعة 120 كليومتراً في الساعة فجأة، أليس كذلك؟ عليك أن تخفف سرعتك تدريجياً. وعليه، توصي الخبيرة بتخصيص 20 - 30 دقيقة لإبطاء وتيرة النشاط العقلي بشكل تدريجي. والهدف من المدة المحددة يتعدى مسألة الابتعاد عن الشاشات إلى الابتعاد عن أي نشاط فكري أو جسدي يبقي الجسم والعقل في حالة يقظة.

يمكن أن تُدخل عقلك في هذه المرحلة الانتقالية، عن طريق قراءة كتاب لا يثير حماستك، أو كتابة بعض المذكرات اليومية، أو الاستماع لموسيقى كلاسيكية هادئة، أو ترتيب الملابس والأشياء، وغير ذلك من أنشطة لا تجعلك تشعر بالنشاط الذهني أو الجسدي، وذلك بعيداً عن أي شاشة جهاز إلكتروني أو أضواء منزلية شديدة التوهج.

تبدو هذه الاستراتيجية صعبة التطبيق في عصر ترافقنا فيه الأجهزة الإلكترونية منذ اللحظة الأولى لاستيقاظنا حتى آخر لحظة من اليوم. لكن إذا أردت بالفعل تحسين جودة نومك بهدف تحسين جودة حياتك، فلا بد أن تبذل أقصى جهدك في سبيل ذلك. والجميل في الأمر أن 20 - 30 دقيقة فقط بعيداً عن الشاشات قبل النوم أمر ليس صعباً لهذه الدرجة.

عن نفسي، سأبدأ بتطبيق هذه الاستراتيجية، وأرى مدى نجاحها. ومن المهم الإشارة قبل أن أختتم إلى أهمية إنقاص الوزن إذا كنت تعاني من السمنة، وتناول المكملات عند وجود نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية، إلى جانب تقليل الأطعمة الضارة، وممارسة الرياضة بشكل منتظم، مع الابتعاد عن التفكير السلبي (أساس معظم الأمراض)، فضلاً عن زيارة طبيب أو أخصائي نفسي إذا كنت تواجه مشكلات صحية أو نفسية حساسة لا تنفع معها أي حلول تتخذها من طرفك.

ما رأيكم بهذه الفكرة؟ وما الطرق التي تتبعونها للحصول على نوم كافٍ يجدد النشاط والحيوية؟