الكثير من الأمور نعيشها يوميًا، وبطريقة ما نندمج مع مجريات اليوم. ولكن في بعض الأحيان تترك إحدى تلك الأمور ندبة في قلوبنا وتتحول لذكريات مؤلمة، ومنا من يضع عقله تلك الذكريات في آخر درج الذاكرة ويدفنها بعيدًا، إما للرغبة في نسيانها أو التفكير في التعامل معها في وقت آخر.

وقد دفن بعض الأشخاص تلك الذكريات في أعماق أنفسهم لعدة مرات، إلى أن وصلوا إلى عملية قمع المشاعر أو النسيان المحفز. وهذا النوع من النسيان هو آلية دفاعية من العقل لمحاولة نسيان بعض الذكريات أو الأفكار المزعجة، بحيث يتم توجيه هذه الأفكار نحو مناطق العقل الباطن مما يساهم في نسيانها.

وبعد بحث حول الكبت النفسي وجدته مرتبط بالشعور بالأنا، إذ يريد الشخص منع أي فكر أو ذاكرة لا يقبل وجودها، فيقمع كل تلك الأفكار في مقابل الابتعاد عن العواطف السلبية.

كما وجدت أن البعض يعتقد بأن القمع والنسيان هما شيء واحد، ولكن هذا ليس صحيحًا. فالقمع هو نسيان الفرد لأفكار وذكريات بصورة غير واعية، فلا يعرف الشخص بوجود هذه الأفكار، أما النسيان فهو أمر متعمد حدوثه ونفعله باستمرار حينما نريد الابتعاد عن أفكارنا وإرسالها إلى بعيدًا عن منطقة الوعي.

والميزة التي تجعل العقل يلجأ إلى الكبت النفسي هو عدم وجود شعور بالذنب من تلك الأفكار، فيرى أنه تخلص منها وانتهت! ولكنها ليست بتلك السهولة، إذ يمكن أن تظهر يومًا ما وتؤثر على سلوك الفرد وحياته اليومية.

وقد أشار فرويد إلى القمع وعرفه بأنه الوقاية اللاواعية من الدوافع الخطرة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى سلوكيات غير مقبولة بالنهاية. ولعلاج تلك الوقاية اللاواعية يمكن للشخص البحث عن شخص موثوق للتحدث معه وكشف الذكريات المدفونة في عقله الباطن، وإن كنت أفضل أن يكون الحديث مع إخصائي نفسي للعمل على استرجاع الذاكرة باستخدام تقنيات مجربة من قبل، مثل علاج الذاكرة المستعادة الذي يعمل على إرجاع المخاوف البشرية بطرق نفسية.

تعلم الآن أن القمع النفسي لا يمكنه إدراكه بسهولة، ولكن ألم تشعر يومًا بأن هناك مخاوف تحول بينك وبين الكثير من الأمور؟ وكيف يمكننا حماية أنفسنا من القمع النفسي؟