السرطان عدوي اللدود؛ فهو أخذ مَنْ أُحب، جدتي. لقد عاصرت آخر فترات حياة جدتي الحبيبة، كانت داعمي الأول منذ صغري. هي من قامت ببناء حبي للطب، لكن لم تسنح لها الفرصة أن تراني كما أرادت. توفاها الله بعد صراعٍ طويل مع السرطان. مرة في الرحم، ومرة في الكبد حتى همست بآخر أنفاسها، سحقًا له هذا الخبيث. دخلت كلية الطب، ودرست هذا الخبيث. فهمت لما يُلقب بالخبيث. لنَصِف هذه الرحلة في بعض من الكلمات البسيطة. 

خلايا بشرية تعمل سويًا لأداء مهامها الفيسيولوجية، تستمر في مهمتها حتى تصل إلى نهاية رحلتها الطبيعية، فتموت في سلامٍ تام و تنقسم خلايا أخرى تُعوِض الخلايا الميتة. هذا هو التسلسل الطبيعي. لكن لكل قاعدة شواذ، فتقوم بعض الخلايا بالتمرد على هذا التسلسل. تبدأ الخلايا المتمردة في الانقسام بشكل جنوني، تأبى التوقف بل ليس هذا فقط فهي خلايا لا تتبع الجدول الزمني للتجديد، فتبقى بدون أن تموت وتغير شكلها فتصبح أجسام غريبة على الجسم. هذا عكس الطبيعة المعروفة للجسم، والجسم لا يقبل أي استثناءات بدون إرادته، فتبدأ المشاكل. هذا الخبيث يحاول الانتشار، وانتشاره له درجات: من الورم الحميد الذي لا يغادر مكانه ولا يسبب العديد من المشاكل إلى الورم الخبيث الذي يغزو النسيج وينتشر إلى أنحاء الجسم المختلفة، ويقتل من نحب.

أصبح الآن علاج السرطان متقدم بفضل التقدم العلمي في المجال الطبي. لكن بتقدم العلم ممكن أن تزداد المعاناة. كما اتفقنا أن للسرطان درجات، فكلما كان العلاج مبكرًا كلما كان من السهل السيطرة عليه و علاجه. العلاج الشهير للسرطان هو العلاج الكيماوي، و هو ما له العديد من الأعراض الجانبية نحن في غنى عن ذكرها؛ لكثرتها و لوحشيتها. هذا في النهاية علاج من الممكن أن نتحمل بعض مضاعفاته لننتهي من هذا الخبيث. لكن ماذا لو كانت مضاعفات العلاج في بعض الحالات هي سبب في تعاسة الشخص أكثر من المرض نفسه؟ 

ماذا سنختار إن كانت نتائج العلاج غير مؤكدة، سنعيش في سلام مع المرض أم سنعيش ما تبقى من العمر نحارب أعراض العلاج؟