تحدثت معي صديقة حول حالة ابنتها وهي تبلغ من العمر 17 عاما، ووصفت لي حالتها وكيف أصبحت الآن تتجنب كل المناسبات الاجتماعية أو اللقاءات، وأصبحت منعزلة كليا عن العالم وأغلب الوقت بغرفتها، وعندما جلست مع الفتاة لنتحدث بالأمر أخبرتني أنها تشعر بالقلق المفرط بشأن مقابلة الغرباء أو بدء المحادثات حتى التحدث بالهاتف والذهاب إلى السوق، فهي تشعر بالتجمعات أنها مراقبة وتخشى دوما من الانتقاد وتخشى التحدث فتتلقى التنمر من الآخرين، لذا قررت الانفصال عن كل هذا وتنعزل عن الجميع وأنها هكذا أفضل.
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي
هو خوف طويل الأمد وساحق من المواقف الاجتماعية. إنها مشكلة شائعة تبدأ عادة خلال سنوات المراهقة، يمكن أن يكون الأمر مؤلمًا للغاية وله تأثير كبير على حياة الفرد. بالنسبة لبعض الناس يتحسن الأمر مع تقدمهم في السن لكن غالبا لا يزول من تلقاء نفسه دون علاج، من المهم الحصول على المساعدة إذا كان الفرد يعاني منه.
هناك مراحل للعلاج وكان علي أن أشجعها على خوض المعركة لتحرر نفسها من هذا الخوف، لذا شاركتها ببعض الأمور التي يمكن أن تفعلها وتكون سببا بتحسنها، خاصةً أن الأعراض حديثة ولم يصاحبها أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب وكانت المساعدة الذاتية هي الحل الأول؛ إذ تساعد في تقليل القلق الاجتماعي وقد تجدوها خطوة أولى مفيدة قبل تجربة العلاجات الأخرى.
فالهدف هو بناء الثقة، وتعلم المهارات التي تساعد على إدارة المواقف التي تُخيف أكثر، ثم الخروج إلى العالم.
ويعد العمل الجماعي هو المفتاح في علاج القلق الاجتماعي، لذا بعد أن حددنا الأفكار السلبية التي لديها وبدأنا بتغييرها، والتركيز على الحاضر أكثر من الأحداث التي مرت بها بالماضي، تمرنا سويا على عدة مواقف اجتماعية مختلفة ولعب الأدوار وأجرينا مناظرات عائلية وشاركت بها بشكل أفضل.
بعد ذلك تواصلت مع أحد معارفي لكي تعمل معه بأحد الجمعيات الخيرية تطوعا وأعطيته نبذة مختصرة لكي يتعاون معنا، وبالفعل وبالتدريج كان هناك تحسنا ملحوظا وبدأت تشارك بشكل فعال بالجمعية وباللقاءات المنظمة.
والحمد لله الفتاة أصبحت أفضل وأكثر نشاطا واندماجا بالمجتمع وأصبحت قادرة على التعامل مع المواقف والأشخاص أيضا.
أريد أن أوضح أن هناك بعض من لديهم الرهاب الاجتماعي يحتاجون لجلسات سلوكية ومتخصصين لكي يقوموا معهم تقريبا بنفس الخطوات التي اتبعتها لكن ما جعلني أخوض هذه التجربة هو أن لدي علاقة قوية مع الفتاة والثقة مهمة جدا بالعلاج السلوكي، كما أن الفتاة كان لديها رغبة بتجربة المساعدة الذاتية لذا فعلتها وساعدت نفسها.
أيضا هناك حالات لا يكون العلاج السلوكي كافيا وتحتاج لعلاج بالأدوية والذهاب إلى الأطباء النفسيين.
برأيكم كيف يمكننا كأفراد بالمجتمع بشكل عام مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي؟
التعليقات