الاستقالة -بدون سبب اضطراري- بعد فترة طويلة من مكان شعرت به بالأمان الوظيفي وارتبطت به بأشخاص وذكريات ليس أمرًا سهلًا إطلاقًا. ولكنه أحيانًا يكون ضروريًا لأجل النمو الشخصي والمهني، فما هي أفضل الطرق لتقديم استقالتك بطريقة مهنية تحافظ على العلاقات الطيبة مع زملائك ومديريك؟
الاستقالة حقًا ليست أمرًا هينًا، ونحن من ناحية أخرى قد لا نمتلك الشجاعة للبدء من الصفر في مكان آخر جديد بعدما تعبنا في تثبيت أقدامنا في هذا المكان.
طلب الاستقالة قبل شهر على الأقل وتحمّل مشقة تدريب شخص آخر، أنا حين استقلت أيضاً قمت بدعوة أصدقائي بالعمل على العشاء، كانت سهرة لطيفة تمهّد لوداع طويل وانتهاء فترة كنا نقضيها معاً، شرح خطوتي الثانية المقبلة، عدم أخذ بعض الردود السلبية على محمل الجد (لأنه أمر قد يحصل عادي) وعدم إخفاء العمل الجديد وتفاصيله عن زملاء العمل، هذه الأمور ليست سراً وتصبح مزعجة حين نجعلها أسرار، الراتب فقط ما يمكن أن يكون سراً أو الأسباب التي جعلتك تنتقلين، بالعموم هذه الأمور التي أعتقد أنها تضمن انتقالة سلسة.
طلب الاستقالة قبل شهر على الأقل وتحمّل مشقة تدريب شخص آخر
مهم ألا تكون الاستقالة مفاجئة حتى لا تضع الشركة في موقف حرجٍ، وتكون بحاجة إلى سد النقص الحادث بسرعة فيتم توظيف شخص غير كفء يؤثر على جودة العمل.
عدم إخفاء العمل الجديد وتفاصيله عن زملاء العمل
لي أن أختار ما أخفيه وما لا أخفيه. لا تعلم ربما يكون من بين زملائك في العمل من يتربص لك ولا يريد لك الخير، أو يحقد عليك لتلك الفرصة فيفسدها عليك. سيعلمون عاجلًا أم آجلًا أين توظفت وماذا تفعل في حياتك بعد الاستقالة، ولكن الأفضل مشاركتهم بعد الاستقرار في الخطوة الجديدة. أصحاب النفوس السوداء في كل مكان يا ضياء. لا تدري من أين قد يظهروا.
من يتربص لك ولا يريد لك الخير
لن يستطيع ذلك نهائياً، ما هو أكثر ما يمكن فعله؟ أنا لاحظت أنني حين أشارك بعض المعلومات المشابهة لا أجد إلا تصرف نادر ما يحصل وهو أنه يقدّم على الشركة معي ولكن هل اذا قُبِل قبلي يكون قد أفسد عليي؟ بالتأكيد لا طالما الأمر تم بشكل قانوني، ولذلك أنا لا أبخل في مشاركة تفاصيل عملي الجديد لأنني أعتقد أن هذه التفاصيل أمور لا تقدّم ولا تأخر في حياة أصدقائي ولا تشبع إلا الفضول الإنساني لا أكثر.
لا تشبع إلا الفضول الإنساني لا أكثر.
الفضول يجب أن يكون نابع من دافع معين، وأسوأ سيناريو هو أن يكون نابعًا من أحقاد شخصية، وهذا وارد.
كان إبراهيم عادل يتحدث عن حادثة مرّ بها خلال عمله في إحدى المدارس، وكان أبطالها هم زملاؤه في العمل الذين أكل وشرب وضحك معهم وظنّ أنهم يحبون له الخير. ذات مرة في أحد التجمعات، قال -بحسن نيةٍ- منه راتبه، فانتفض الكل واعترضوا وقدموا شكوى إلى المدير مطالبين إياه إمّا بزيادة رواتبهم أو خفض راتب إبراهيم. لا تعلم صدّقني ما تكّن لك نفوس الآخرين. "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"
قبول المدير بهذا الطلب: أن ينقص راتبي لأجلهم - هذه إشارة لوحدها يجب أن تجعلني مباشرةً أتحرّك للانتقال من العمل بدون تردد والبحث عن أفضل منه كبيئة إدارية وموظفين، وبالتالي حتى السوء الذي وجهوه له يمكن أن يأخذه من ناحية أنهم أظهروا له سوء ب ٢٠% لكي يتجنب برحيله احتمالية وقوع سوء بنسبة أكبر.
ما يمكن أن يكون سراً أو الأسباب التي جعلتك تنتقلين
على العكس أرى توضيح الأسباب وليست بحاجة إلى أن تكون سر، فربما انتقالك وتركك للعمل بسبب ظروف العمل نفسها أو أن الراتب غير جيد أو أنك تستهلك الكثير من الوقت للذهاب من وإلى العمل، هذه الأسباب برأي لو قيلت ووضحت سواء لمديري أو زملائي قد يساهم في جعل هذه البيئة أفضل ليحاولوا تلافي هذه الأسباب في المستقبل مع غيرك أو مع الزملاء الباقين في العمل. لي أكثر من سابقة مع موظفين تركوا العمل وكنت مديرا لهم وكنت اسألهم عن سبب الاستقالة ومن خلال إجابتهم كنت أقوم بدراسة هذه الإجابات لو كان هنالك مشاكل في بيئة العمل أعمل على إصلاحها ولو لم يكن فهذا يعطيني مؤشر جيد على سريان العمل نفسه فالبعض مثلا استقال بسبب الراتب والبعض بسبب فرص أفضل ظهرت له وهكذا، وأقول أنني بسبب هذه الإجابات كونت فريق عمل كان من أفضل فرق العمل لسنوات عديدة.
ولكن هذا قد يوقعك للأسف في فخٍ خفي، وهو أنك ستبدو كما لو كنت تتحدث عن شركتك الحالية بشكلٍ سلبي. أرى أن التحدث في هذا الشأن تحديدًا مع المدير -إن اهتم بذلك- سيكون أنسب من التحدث فيه مع زملاء العمل.
سيؤخذ عليك أيضًا أنك تحاول بث السلبية فيهم تجاه المكان الذي يعملون به، وأنت على وشك مغادرته.
تكون الاستقالة وفق بنود العقد، مثلا إذا كان من البنود اعلامهم قبل شهر أو عشرة أيام حتى يتخذوا الإجراءات اللازمة، يكون شرح واضح للمدير عن سبب الاستقالة .
الزملاء تشاركهم بالحد الذي يريحك، في الاخير يبقى ما يربطك بهم هو العمل وليس من الضروري أن تطلعهم عن تفاصيل لا تود البوح بها .
وفق بنود العقد، مثلا إذا كان من البنود اعلامهم قبل شهر أو عشرة أيام حتى يتخذوا الإجراءات اللازمة،
وقد يعزز من موقف الموظف أيضًا عند الاستقالة أن يرشح شخصًا آخر عنه ويكون من طرفه. بعض الشركات تتقبل هذا الأمر وترحب به.
أعتقد أنه من المهم المصارحة حول أسباب الاستقالة، يعني لو سأنتقل لوظيفة راتبها أعلى، عليّ أن أشارك هذا مع الإدارة، لأن البعض يلف ويدور حول الأمر بدون داعي، من المهم ترك الباب مواربًا بيننا وبين الشركة، ويكون الانسحاب بصورة حسنة بدون مشاكل كلما أمكن، فلا ندري ربما نحتاج مجددًا لتجديد التعاون، وحتى لو لم يحدث، فإن الانسحاب الجيد يعزز سمعة الموظف في سوق العمل.
يعني لو سأنتقل لوظيفة راتبها أعلى، عليّ أن أشارك هذا مع الإدارة
في بعض الحالات يكون الأمر مقبولًا وقد تتمسك الشركة او تقدم عقد مضاد أو ما يسمى بال Counter offer بسعر أعلى للحفاظ على الموظف. لكن بشكل عام أعتقد أن الأمر غير ضروري إن لم يشأ الموظف الإفصاح عن السبب ولكن أوافقك الرأي في أنه لا يجب أن يلف ويدور بل قد يقول أن الأمر شخصي وينهي الأمر ببساطة. ألا ترين أن بعض الأسباب قد تكون غير مفهومة أو مقبولة مما قد يخلق حساسيات في أي وقت؟
لكن بشكل عام أعتقد أن الأمر غير ضروري إن لم يشأ الموظف الإفصاح عن السبب ولكن أوافقك الرأي في أنه لا يجب أن يلف ويدور بل قد يقول أن الأمر شخصي وينهي الأمر ببساطة.
لا بل إن سُؤِل (من الإدارة) عن السبب فليجب، ما المشكلة في أن يقول أن عرض الشركة الأخرى أفضل من الناحية المادية؟ لماذا نرى التفكير في التطور المادي كشيء نخجل من قوله؟ كل شخص يعمل بالنهاية لأجل المال. إن كان الراتب المرتفع أولوية بالنسبة لي فلأقل ذلك بكل صراحة ودون خجل.
لا أجد مشكلة في الأمر ولكن لا أجده ضروريًا وللموظف حرية الافصاح أو لا. ليس في كل الأوقات يكون السبب ماديًا فقط هناك أسباب كثيرة وقد تكون معقدة أو تمس بيئة العمل أو التوافق بين الموظف ومديره مثلًا وخلافه ولا ضرر من قول أيًا كان السبب لكن ما أزال أفضل تركه كحرية للموظف نفسه
لقد جرّبت هذا الأمر في العام الماضي. بعد أن كنت أعمل مع أشخاص رائعين، أردت أن أتفرّغ لمشروعي الخاصّ، فأخبرت صاحب العمل بأنّني سأترك العمل. طبعًا، سألني عن الأسباب، فأخبرته بصراحة عن السّبب.
بالطبع، حاول إقناعي بالبقاء، ولكنّني كنت مصرّةً على ترك العمل، فوافق في النّهاية وتمنّى لي النجاح في عملي الخاص. ومع ذلك، استمرّيت في العمل أسبوعين إضافيّين لتدريب الفتاة الّتي ستأخذ مكاني. فليس من اللّائق ترك العمل بسرعةٍ ودون إيجاد بديل.
في البداية أعتقد أهم جزء عدم إدخال المشاعر الشخصية في الأمر. خاصة لو هناك علاقات شخصية مع زملاء العمل والمدراء وهكذا. فبشكل رسمي يجب مراجعة العقد قبل أي خطوة والالتزام بالمدة المطلوبة للاخطار فيه أو ما يسمى بال Notice period والتقدم بطلب رسمي قبل مدة كافية.
بالنسبة لتوضيح أسباب الاستقالة أو المكان الجديد وخلافه فهذا أمر يرجع لكل شخص ولكن لا أعتقد أن للأمر ضرورة ومن الأفضل تجنب الخوض في التفاصيل ولكن من المهم الحفاظ على نفس أسلوب العمل في أخر فترة ومراعاة متطلباته وليس تجاهله بحجة أن لدي عرضًا أخر أو مكان أخر سأبدأ فيه من جديد. من خلال الحفاظ على العلاقات الرسمية الطيبة في العمل يمكن الحفاظ على العلاقات الشخصية أيضًا وبالطبع لا يوجد باب يغلق للأبد فمن يعلم قد نجتمع على عمل من جديد في وقت ما في المستقبل وتلك أهمية السمعة الطيبة في كل شيء.
التعليقات