عادة بإجازتي لا يمكنني منع نفسي من تصفح إيميل العمل، والرد على الرسائل، وأحيانا قضاء بعض المهام، ودومًا ما نصحني مديري بأن هذه سيضر بأدائي على المدى البعيد، ولكن مر ثلاث سنوات علي بهذا الروتين، وعلى العكس أكون سعيدة بذلك، وهذا خلق لدي فضول لمحاولة فهم الأمر، وبالطبع ليس لنا سوى علم النفس، صادفني نظرية التحفيز، والتي تدرس ما يدفع الشخص نحو مسار عمل معين، وفقًا لعالم النفس ديفيد ماكليلاند، فإن الحاجة إلى الإنجاز هي أحد الدوافع الثلاثة التي تحرك السلوك البشري. ينشأ من الحاجة إلى الشعور بالكفاءة بينما نتنافس ضد مهمة ما مع أنفسنا، ومن حولنا.

المشكلة هي أن حاجتنا إلى الإنجاز أصبحت مفرطة، إذ تشير الدلائل إلى أن السلوكيات المرتبطة بالمنافسة وبلوغ المكانة الاجتماعية آخذة في الازدياد، فلقد أظهر تقرير صادر عن مركز بيو للأبحاث أن 81 % من الأمريكيين المولودين في الثمانينيات حددوا أن الثراء المادي من بين أهم أهداف حياتهم. هذا الرقم أعلى بنحو 20 في المائة من مواليد الستينيات والسبعينيات.

ولا أتوقع أننا نختلف عنهم كثيرا كعرب، فهناك منافسة مفرطة بين الشباب وقد نراها بأعيننا في منصات العمل الحر.

إن تقليص حاجتنا إلى الإنجاز أمر صعب فلقد تربينا على ربط قيمتنا الذاتية بمستوى نجاحنا وإنتاجيتنا، ففي خلال سنوات دراستنا يشاد دوما بالطلاب المتفوقين وتظل الأعين عليهم دوما.

وبعد بحث طويل توصلت لثلاث نقاط يمكنهم مساعدتنا، وهم:

  • قبول أن قيمتنا الذاتية لا تقاس بالمقاييس الاجتماعية التعسفية مثل الشهرة أو الوضع المهني أو الثروة. تقديرنا لذاتنا هو جزء فطري، متأصل، وأساسي من إنسانيتنا.
  • اختيار المقاييس الصحيحة لقياس النجاح. فإذا كنا نقيس النجاح فقط بناءً على إنجازاتنا المهنية، ولكننا أهملنا أداءنا كوالد أو زوج، فنحن هنا نستخدم مقياس ضيق الأفق.
  • العمل ببطىء أو تمهل، قد تكون هذه الخطوة صعبة عندما نشعر بالذنب، ولكن التمهل قد يجعلنا نتدارك الكثير من التفاصيل التي تتوه منا في زخم االحياة.

يمكن أن يأتي التوجّه نحو الإنجاز بفوائد عديدة، لكن المفتاح هو الحفاظ على التوازن بين تطلعاتنا الفردية والعلاقات الشخصية والرفاهية مع استخدام مقاييس أكبر للنجاح.

والآن شاركوني تجاربكم ومتى تشعرون الإنجاز؟ وما هي العوامل التي تجعلكم تشعرون بقيمتكم الذاتية؟