في المناقشة السابقة في آخر مشاركة لي : لو كان الشغف يعني السعادة فيما تعمل؟ لماذا ننكره على أنفسنا؟

ذكرت زميلتنا @saraalaithi نقطة في غاية الأهمية حوال ازدواج معايير تقييمنا لفكرة الشغف باختلاف ما يأتي منه من ربحية، تقول سارة:

للأسف فإن المشكلة تكمن في كون الشغوفين المضطرين دوماً للتخلي عن شغفهم هم الفنانين والأدباء، فلو أن أحدهم شغفه هو العمل بالتجارة أو بالمحاماة أو بالتدريس أو الطب والصيدلة أو الهندسة وما إلى ذلك من هذه الوظائف؛ فهو لن يواجه أي لوم أو محاولة تثنيه عن تحقيق شغفه، بل على العكس سيشجعه الجميع على الاستمرار واشباع شغفه وتحقيق طموحه. أما إذا كان الشغف متعلق بالأدب والكتابة أو الرسم أو التمثيل والغناء وما إلى ذلك من مواهب وفنون؛ فستجد ألف محبط، والمشكلة تكمن في أن من يسعى لشغفه في هذه المجالات إن لم يكن ممن لديه واسطة أو أحد يمهد له الطريق؛ فهو عادة لن يصل للاكتفاء المادي حتى لو حقق بعض النجاح، أعرف الكثيرين من الأدباء والرسامين وممثلي المسارح لا يتقاضون من مهن شغفهم تلك ما قد يسد رمقهم، وهم مضطرون للعمل بوظائف أخرى للحصول على لقمة العيش، وبالطبع يؤثر ذلك على انتاجيتهم في مجال شغفهم حيث يقل الوقت المتاح لهم لممارسته وتطوير أنفسهم فيه، بالإضافة إلى استنزاف جهودهم في مجالات أخرى. لا أرى أن هذه بسالة وربما هي أيضاً ليست جلد للذات، ولكنه قهر الظروف وطحن الحياة، ونعم قد يمكننا فعل الاثنين معاً، ولكن هذا ما يحتاج إلى بسالة حقيقة وإرادة وقدرة على مواجهة الظروف وتنظيم الحياة والوقت.

انتهى تعليق سارة، في الحقيقة سارة لفتت نظري إلى أن معظم الأشخاص الذين يعارضون فكرة الشغف لن يعارضوها لو قال الشخص انه يريد أن يصبح مهندسًا أو طبيبًا أو معلمًا! يبدو أننا كأشخاص نقيم فكرة الشغف بالربحية، أي أننا نشعر بالأمان لو كان الشغف في منطقة ممهدة مجتمعيًا ولها وضعها الوظيفي والمجتمعي، أما لو كان الشغف يتطرق لشئ لا قيمة له مجتمعيًا فسنجد ألف محبط كما قالت سارة! يبدو انني نقيم الأمر ليس بالسعادة الداخلية التي سنحصل عليها في رأي سارة، وإنما بمقدار ما سنجنيه من أموال وكيف ستمهد هذه الأموال حياتنا! في رأي سارة يبدو أن الفكرة كلها تدور في فلك تقدير الأموال أكثر من تقدير السعادة الداخلية!

هل تتفقون مع سارة؟