في نهاية اليوم دخلت أتفحص حاسوبي كالعادة. صدمت بتعليقات شخص على صفحة المدونة. كان حانقا على علم النفس ككل ويصف الأطباء النفسيين بصفات سيئة لأنهم لم يستطيعوا علاج حالته. لم أحاول الرد فلا رد قد يغير رأيه ولو بلغت عنان السماء من العلم! ولم أغضب أيضا فلكل تجاربه التي تبني قناعاته. تفهمت حنقه وغضبه وحذفت تعليقاته ومررت لأشياء أخرى.
قرأت بعدها رسالة وصلتني من شخص يطلب استشارة، مع العلم أني أوضح في كل مرة أني لست مختصة نفسية ولا أقدم استشارات. لكنني تأثرت بقصة الشخص صاحب الرسالة. لقد كان يعاني من مرض، شوفي منه لحسن الحظ، لكنه خلف لديه آثارا نفسية جعلته يغادر عمله. اقترحت عليه أن يرى معالجا نفسيا فتعذر بكون الأمر مكلفا. فهو متزوج وأب لأطفال وليس لديه عمل.
لم أستطع مواصلة المحادثة. شعرت بضيق شديد. تراكمت علي المشاعر. وددت لو كنت أستطيع المساعدة لكن للأسف لا أستطيع.
أغلقت الحاسوب لأنصرف لأشغال أخرى. انتهيت وجلست مستلقية أعيد التفكير في كل شيء. لقد بدأت أتساءل حول جدوى إنشاء مدونة حول الصحة النفسية وهي لا تستطيع تقديم المساعدة. حدثتني نفسي بالتخلي عن كل شيء والابتعاد. فكيف أزعم الرغبة في نشر وعي في مجال لا أتخصص فيه!
مع استمرار شعور الضيق وتوافد الأفكار قررت أن أنصت لمشاعري علً ما أترجمه يفيدني هذه المرة. بدأت بالتركيز على الأحاسيس الجسدية، وهي تقنية تعيد التركيز للشعور الأساسي (خوف، حزن، غضب، فرح) لكنني لم أجد أي إحساس جسدي. ثم بدأت أتذكر أحداث اليوم وهو ما أفعله عندما يظهر شعور لا أعرف مصدره. توقفت عند تفحصي للمدونة. هناك ظهر السبب. في تلك اللحظة حاولت التعاطف مع نفسي معترفة أنني حملتها أكثر من طاقتها. من قال أني ملزمة بتقديم استشارات نفسية وأنا غير مختصة؟! هناك أهل اختصاص لفعل ذلك. وفي نفس الوقت أريد أن يستفيد الناس من معلومات قيمة. سأقدم ما أستطيع تقديمه. ولن أعاقب نفسي إن لم أستطع توفير أشياء تفوق طاقتي.
ثم تذكرت رسالة شكر وصلتني من أحد متابعي المدونة كما تذكرت تعليقات إيجابية لأشخاص آخرين وكلمة لأحدهم يقول فيها "لو كنت متأكدا أن ما تكتبه قد يفيد ولو شخصا واحدا في العالم فلا تخجل من نشره". وأنا متأكدة من أن ذاك العمل سيفيد أشخاصا عديدين.
لقد خف شعور الضيق في ذات اللحظة :) .. لقد قمت لتوي بتجربة ما يسمى في علم النفس ب Affect Labeling، بمعنى "تسمية شعور". أي أن التعرف على الشعور والتعبير عنه بكلمات كفيل بالتخفيف من حدته.
أعلم أن هذه المشاعر قد تزورني مرات أخرى لكني سأتعامل معها. سأحاول التعرف على سبب ظهورها، أعبر عنها بكلمات تصفها ثم أتعاطف مع نفسي في ذاك الموقف.
لم أشارك هذه التجربة؟ لأنها مثال حي للتعامل مع المشاعر السلبية التي قد تطغى علينا أحيانا. وأتمنى أن تفيد غيري.
الدراسة حول Affect Labeling:
موقع رائع لتقنيات العلاج النفسي، يمكن للشخص تجربتها بنفسه:
التعليقات