في كثير من الجلسات الزوجية يصل الطرفان إلى مرحلة يعتقدان فيها أن العلاقة انتهت تمامًا. يصبح كلٌّ منهما خصمًا للآخر، يحمل داخله تراكمات من الغضب، والخيبة، والصمت، والاتهامات. وفي تلك اللحظة تحديدًا لا بد أن يُطرح سؤال مهم:
هل تريدان إصلاح العلاقة… أم تقييم مصيرها؟
وغالبًا ما تكون الإجابة:
"نريد الإصلاح."
لكن الإصلاح الحقيقي لا يعني العودة إلى ما كان، بل يعني بناء علاقة جديدة من جذورها، علاقة قائمة على أرضية واضحة لا على جراح متراكمة.
الخطوة الأولى: الاعتراف بأن العلاقة أصبحت مؤذية
هذه الخطوة تمهّد لأي عملية تغيير. فلا يمكن إصلاح علاقة ما دام كل طرف يرى أن المشكلة في الطرف الآخر فقط.
وأكثر جملة تُغلق باب الإصلاح هي:
"هو المخطئ… فليبدأ هو."
العلاقة ليست محكمة، بل معادلة، وعلى كل طرف أن يسأل نفسه:
ما دوري—ولو بنسبة بسيطة—فيما وصلنا إليه؟
الخطوة الثانية: تنظيف الجراح القديمة
لا بناء فوق أرض تميل مع كل خطوة. وتنظيف الجراح يحتاج إلى ثلاث مراحل أساسية:
1) تفريغ الغضب القديم
ليس بالصراخ أو الاتهام، بل بالاعتراف بالمشاعر الحقيقية:
مشاعر الظلم، والإهمال، والخذلان التي تراكمت عبر الزمن.
ويحتاج الطرف الآخر أن يستمع، لا ليردّ، بل ليفهم.
2) إنهاء دائرة اللوم
ما حدث في الماضي فُهم وتوضّح… ويجب تركه خلفنا.
الإمساك بالجراح دون تنظيفها يفسد أي محاولة للتقدّم.
3) صياغة اتفاق جديد لقواعد جديدة
العلاقة "المستحيلة" انهارت لأنها كانت تسير وفق ميثاق غير معلَن:
حب يُعبَّر عنه بطريقة خاطئة، خلافات تُدار بأسلوب مؤذٍ، انسحاب بدل مواجهة.
لذلك يجب وضع اتفاق واضح يشمل:
- كيف نختلف دون أن نكسر بعضنا؟
- ما الحدود التي لا نتجاوزها مهما اشتد الغضب؟
- ما الأمور التي تجرحك من غير قصد؟
- ما احتياجاتك الأساسية التي لو لُبِّيت لخفَّت أغلب المشكلات؟
هذه ليست تفاصيل ثانوية… بل أساس حياة مشتركة سليمة.
الخطوة الثالثة: ممارسة التغيير… لا مجرد الحديث عنه
العلاقة السوية ليست نوايا حسنة تُقال، بل سلوك يومي متكرر.
والتغيير الحقيقي يبدأ من أصغر خطوة نستطيع تنفيذها، لا من أحلام كبيرة لا نملك أدواتها بعد.
خطوة مهمة: مسامحة الماضي… لا نسيانه
المسامحة ليست إنكارًا لما حدث، بل قرارٌ واعٍ:
لن أسمح للماضي أن يتحكم بي بعد الآن.
المسامحة ليست هدية للطرف الآخر…
إنها هدية لسلامك النفسي، ولقدرتك على المضيّ قدمًا دون ألم يُكبّلك.
فالعلاقة التي تبدو "مستحيلة" ليست كذلك.
المستحيل الحقيقي هو أن يظل الطرفان على السلوك ذاته وينتظرا نتيجة مختلفة.
وحين يقرر الزوجان البدء من جديد—بمعناه الحقيقي لا المجازي—يستطيعان بناء علاقة ليست فقط سوية…
بل أقوى بكثير مما كانا يتوقعان.
فهل رأيتم علاقة كانت شبه مستحيلة ومضت الأيام وكان علاقة سوية؟
التعليقات