جلستي اليوم في بيتي الجبلي تحمل معي هدوءًا وراحة لا تضاهى. أحضرت الحطب بعناية للموقد، كل قطعة كأنها دعوة للدفء والطمأنينة، ثم أشعلت المدفأة، وبدأت النار تتراقص بين الأصابع الخشبية، تنشر ضوءها وحرارتها في المكان. جلست على كرسي الهزار، مستمتعًا باللحظة، أراقب اللهب وأتأمل في حركته، وفي الفينة والأخرى أطلق نكتة خفيفة على النار، وكأنها تفهمني وتضحك معي.
إلى جانبي، كوب الشاي الساخن يكمّل المشهد، مذاقه الدافئ ينساب في جسدي، ومع كل رشفة يزداد شعور الراحة، وكأن كل شيء في المكان قد تآلف ليرسم لوحة شتوية كاملة. لم ينقصني سوى جدتي وهي تحيك الصوف في صنارتها، وصوتها الهادئ، والقط الأبيض السمين ينام بجانبي، تمامًا كما كنت نتعلم في كتاب القراءة في صف الابتدائي، حيث كانت الصفحات تنبض بالحكايات الدافئة والخيال.
ورغم أنني مسلم، إلا أن زينة الشتاء وشجرة الميلاد المضيئة أصبحت جزءًا من الجو المعتاد، ذكرى من طفولتي في المدارس الكاثوليكية، وعادة أحبها الآن كجزء من الجانب الجمالي والحنين للماضي. لم تعد المسألة دينية بقدر ما هي تعايش مع المشهد والذكريات والدفء النفسي، مزيج من هويتي وذكرياتي ومحيطي.
في هذا المشهد، يتداخل الماضي بالحاضر، وتختلط الروحانية بالاستمتاع البسيط باللحظة. إن الجلوس قرب النار، مشاهدة ألسنة اللهب، شرب الشاي، والتفكير أو حتى إطلاق نكتة خفيفة على النار… كل هذا يجعلني أشعر بأنني في وطني الداخلي، بين هويتي ومتع الحياة الصغيرة.
التعليقات