من منا لم يحلم ولم يتمنى وما اكثر الاحلام وما اكثر الاماني لكن الاماني تتغير والاحلام تختلف من سن إلى سن ومن مرحلة إلى مرحلة....
في مرحلة الطفولة على سبيل المثال كانت احلامنا صغيرة وبسيطة لكنها رغم ذلك بالنسبة لنا كبيرة وعظيمة.......
انا في طفولتي كانت امنيتي ان يشتري لي جدي سيكل وقد كان جدي في ذلك الوقت بالنسبة لي كل شي والقادر على اي شي، ولم اكن ادرك انه إنسان ضعيف مثله مثل كل إنسان لا يملك لنفسه ولا لنا ضراً ولا نفعاً ولا حياة ولا نشورا....
والدي حينها كان يدرس في الخارج ولم اكن قد رايته من قبل ولهذا كنت اعتمد على جدي في تحقيق احلامي...
وعدني جدي بانه سيشتري لي سيكل في القريب العاجل ولكن كلمة السيكل لم تفارق لساني وصورته لم تفارق خيالي......
وفي احدى الايام احضرت عمتي حطب من الوادي وكان فيه عود شجرة كبير فسألتها ما هذا؟
فقالت لي وهي تضحك : هذا سيكل ، ولاني مازلت في الثالثة من عمري صدقت كلامها واخذت ذلك العود وركبت عليه على اساس انه سيكل ومكثت على ذلك ايام العب به......
حتى جاء اليوم الذي احتاجوا فيه إلى ذلك الغصن او العود ووقعوا في حيرة من امرهم ، كانوا بحاجة إلى ذلك العود وفي نفس الوقت خائفين من ردة فعلي إذا علمت انهم احرقوا سيكلي ولكنهم رغم ذلك اشعلوا فيه النار.......
ومن حسن الحظ انهم اشعلوا النار في طرفه وليس في وسطه وما هي إلا دقيقة وإذا بي ادخل عليهم ابحث عن سيكلي فانصدمت عندما رايت النار تشتعل فيه وبدأت بالصراخ والبكاء والسب والشتم....
من الذي احرق سيكلي ؟
سوف احرقه كما احرق سيكلي
ساخبر جدي
ولكن استطاعت إحدى عماتي ان تحتوي الموقف وقالت لي وبكل برود وهي تبتسم : المفروض تشكرنا، الا تعلم اننا حولنا سيكلك إلى سيكل نار !!....
توقفت عن البكاء ونظرت إلى العود وهو يحترق من طرفه واقتنعت بان سيكلي قد تم تطويره من سيكل عادي إلى سيكل نار ...
ذهبت اجري نحوه وانا غير مصدق وقد ارتسمت ابتسامة مع اعجاب على وجهي وركبت عليه واخذت اتجول به وانا اصرخ باعلى صوتي : سيكلي سيكل نار
سيكلي سيكل نار
وكانت عماتي في موقف حرج يريدون اطفاء النار ويخافون من ردة فعلي وانا اتجول بالغصن او العود هنا وهناك واصرخ سيكلي سيكل نار....
ثم بعد فترة عاد جدي من المدينة وهو يحمل معه سيكل ابوثلاث عجل لتتحقق امنيتي ويتحقق حلمي..
وآه يا زمن
لو تشوفوني على أول حياتي ** ما تشوفوا الهم في قلبي اشيله
التعليقات