عمل حمالا في طفولته، وأصبح من أغنياء العالم في كبره.
سليمان بن عبد العزيز الراجحي، رحمة الله عليه.
هو رجل أعمال سعودي، تقدر ثروته حسب فوربس ب 5.9 مليار دولار أمريكي، وهو في قائمة أغنى 200 رجل في العالم.
كان يستحضر مبادئ دينه في كل أعماله، باع في السوق الحلويات وعمل حملا وجمع الحطب وروث الجمال اليابس وباعه ليكسب قوت يومه، تعلم وابتكر وعمل بجد واجتهاد لسنوات وصنع إمبراطورية من الشركات والاستثمارات والمؤسسات التي تنفع الناس ومعظمنا يعرفها.
دواجن الوطنية، مصرف الراجحي، نادك…وغيرها
كلها مؤسسات للشيخ سليمان الراجحي يد في نجاحها.
سليمان بن عبد العزيز الراجحي
هذا الرجل رحمة الله عليه ربما صاحب أكثر قصة ملهمة، أولا لأنها قريبة لنا وليست من بلدان تختلف ثقافتها عنا، هو من المملكة العربية السعودية، وبالتأكي سمعت عن شركة من مشاريعه كدواجن الوطنية ومصرف الراجحي. تخيل معي كيف بدأ هذا الرجل مسيرته..
حين كان في التاسعة من عمره بدأ العمل، فكان يجمع قطع الخسب التي تسقط من الجمال أثناء احتكاكها ببعض ويبيعها، وكان يجمع روث الجمال اليابس ويبيعه.
تخيلت الآن من أين بدأ هذا الرجل حياته العملية..!
أكمل مسيرته في العمل وأصبح ينقل ويبيع الجاز، وانتقل لعمل آخر فأصبح يبيع الحلوى على قطعة من الخشب، بعدها أصبح حمالا يحمل أمتعة الناس وينقلها لهم مقابل نصف قرش.
في الثالث عشرة من عمره طور من عمله بشكل مدهش يظهر فيه ذكائه الفذ، فقد أصبح هذا الطفل يشتري المحاصيل من المزارعين ويعيد بيعها في السوق. عمل أيضا في صناعة الطائرات الورقية من سعف النخل، المدهش هو كيف بدأ عمله في صناعة هذه الطائرات الورقية، فقد اشترى واحدة من شيخ كبير وأخذ يفككها قطعة قطعة حتة فهم طريقة تركيبها ومكوناتها فبدأ بصنعها بنفسه و بيعها للناس.
المهم أن الشيخ سليمان رحمة الله عليه كان يسعى في طلب رزقه بكل الطرق ولم يستسلم يوما لصعوبة الأمر وقلة الإمكانيات، كان يجد كل يوم ويبحث عن أفضل عمل يمكنه أن يكسبه بعض المال، كان يحاول التعلم ولا يخاف من تجربة شيء جديد بل كان شخصا لا ثبت على عمل إن وجد أفضل منه، وهذا السعي محمود وهو من الخصال التي تكتب للمرء النجاح بعد توفيق الله له.
طلبت أم الشيخ سليمان منه الزواج عليه في سن 18، ورفض بداية كونه في بداية تكوين حياته، لكنه قبل بعد إلحاح الوالدة وأنفق كل ماله على تكاليف الزواج ليعود لنقطة الصفر ماديا.
عرض عليه أخوه العمل معه في الصرافة ب1000 ريال في الشهر مع التكفل بمصارفيه العائلية اليومية، وافق الشيخ سليمان وبدأ العمل، وتحسنت حياته كثيرا.
الشيخ كان ذكيا في تعامله مع المال وتدبير أموره المالية، فقج حمع مبلغا جيدا وعرض على أخيه مشاركته في الصيرفة،وفعلا ذلك فتوسعت أعمالها كثيرا بعد ذلك.
قرر الشيخ سليمان وأخوه أن ينشئا مصرفهما، لكن بشروط إسلامية، فقد كان لمصرفهما هيئة مراقبة شرعية لها الحق في التدخل في أعمال المصرف ولا يقوم المصرف بخطوة إلا بعد أخذ فتوى من هذه الهيئة على جواز ذلك.
كان الشيخ رجلا لا يتنازل عن مبادئ دينه حتى في مشاريعه، ولو كلفه ذلك خسارة كل ما يملك، فقد كان رجلا يخشى الله ويستحضر مراقبته في كل استثماراته.
من ذلك ما يحكى عن خسارته نحو مليار ريال بسبب في مشروعه المشهور بدواجن الوطنية، فقد رفض الشيخ رحمة الله عليه ذبح الدجاج بالطريقة المعروفة في المصانع الأجنبية وأمر بذبحهها بالطريقة الإسلامية رغم تحذير الخبراء من أن ذلك سيجلب له خسارة كبيرة وربما قد ينهي مشروعه ذاك، لكن الشيخ سليمان كان واثقا بالله ولم يحب أن يغش الناس في تجارته حسبما يملي عليه الإسلام.
في السنة الأولى خسر أكبر قدر من المال، و في السنة الثانية نقصت نسبة الخسارة حتة تلاشت الخسارة تماما وبدأ المشروع يحقق أرباحا كبيرة، وهكذا بعد بضعة سنين أصبح دواجن الوطنية واحدا من أضخم مشاريع الدواجن على مستوى العالم.
هكذا كان الشيخ سليمان لا يتخلى أبدا عن مبادئه في المشاريع التي ينشأ حتى لو وقع في خسارة كبيرة، لم يكن الشيخ يجزع بذلك بل كان يصر على رأيه رغم معارضة الخبراء، وكان المشروع ينجح في آخر المطاف.
نفس القصة حدثت للشيخ في إحدة مشاريعه الزرعية الكبيرة، إذ حصل زيت الزيتون الذي أنتج في مزاعه بتعليماته على المركز الأول عالميا في مسابقة أقيمت في إيطاليا، وقد كانت ميزة هذا المشروع أن الشيخ سليمان أصر فيه على المهندسين بأن يمتنعوا عن استعمال أي مبيات وأن يبقى الغرس طبيعيا لا مواد كيماوية تضاف إليه، عارضه الخبراء بشدة لكنه أصر على رأيه ولن يتزحزح كعادته.
بعد مدة ظهرت حشرة ضارة في المحصول ما أعطة المهندسين ذريعة ليستعملوا المبيدات إلا أن الشيخ رفض ذلك ثانية، والمدهش أنه بعد مدة قصيرة ظهرت حشرة أخرى في المحصول وقد كان أثرها أنها تقضي على الحشرة الضارة، فمر المشكل دون الحاجة لمعالجته بأي مواد كيماوية كما أمر به الشيخ سليمان.
انتقل الشيخ لمروع آخر فريد من نوعه هو مشروع مزارع الروبيان، وكان مشروعا ناجحا، إلا أن الشيخ واجه مشكلة في كيفية التخلص من فضلات الروبيان، فقد كان الشيخ سليمان محبا للطبيعة ولم يرغب في أن يلوثها بفضلات الروبيان تلك، فسافر نحو أوربا والأمريكيتين بحثا عن حل، لكنه لم يقتنع بحلول المزارع هناك، فألهمه الله فكرة تحل مشكلة فضلات الروبيان وحاز من خلالها على عدد من الجوائز، فكانت الطريقة بإنشاء مزارع خاصة لنوع من الأسماك يتغذى على تلك الفضلات التي يبقيها الروبيان، وفيما بعد تلقى تلك الأسماك في مياه البحر لتعيش فيها.
الشيخ سليمان مثال على الجد والاجتهاد والتوكل على الله، لا يكل ولا يمل من العمل، فقد قال:بتوفيق من الله كان لدي برنامج عمل لا أحيد عنه أبدا سواء أكان ذلك خلال عملي في الصرافة أو في مجالات الزراعة أو الصناعة أو في مشروع الدواجن، فأنا أول من يأتي إلى مكان العمل وأنا آخر من يخرج منه، ولا بد أن يكون صاحب العمل مهتما بعمله، وأول ما أسست شركة الراجحي كنت أخرج من المنزل قبل الفجروالسناندوتش في جيبي وأدخل مكتبي قبل الموظفين بساعتين، وأبدأ أعمل حتى كونت صروحي التجارية وأرسيت قواعدها.
أسس الشيخ سليمان كلية للطب في مسقط رأسه البكيرية، وبنى العديد من المساجد وكان الشيخ يتبرع لأعمال الخير وتحفيظ القرآن الكريم وغيرها من الأعمال النافعة، فلم يكن بالذي يكنز المال لنفسه بل كان شخصا زاهد في الدنيا محبا للخير ورجلا ذا مبائ.
رحمة الله على الشيخ سليمان، ياله من رجل، ويالها من سيرة ملهمة.
التعليقات