الاماكن لا تتكلم ولكنها تتكلم بطريقتها الخاصة . حين انتقلنا للمكان الجديد .تكلم المكان عن من مروا هنا .الصور المنزوعة من الحائط تكلمت عن صاحبها شجرة العنب تكلمت .عن صاحبها .البذور التي نمت وخرجت من الأرض بعد فترة قصيرة من وصولنا تكلمت .العلك والرسومات بالغرفة الصغيرة .يدل علي مرور اطفال بهذا المكان.الاماكن تحتفظ بالزمان بطياتها .الحيطان تحتفظ بضحكات لطالما دوت المكان .وصرخات هزت تلك الجدران ودموع سقت جفاف ذاك المكان. لو ام تتكلم الاماكن مع علماء الآثار لما تمكنوا .من احياء الحضارات وصياغة التاريخ .الاماكن اصدق من الكلام المنقول .الاماكن لا تكذب او تجامل إلا اذا طالتها يد الانسان فتحول مجري الحكاية التي كان يحتفظ بها المكان.
الاماكن تتكلم
إنها شهادة صامتة للحياة التي مرّت، وشاهد على الزمان الذي يمر بنا. قد لا تتكلم الأماكن، لكنها تكشف لنا حكايات كثيرة، إن استمعنا جيدًا.
الأماكن, تحتفظ بكل لحظة, الضحكات، الصرخات، والدموع التي سقت الأرض وأعادت الحياة إلى جدرانها. تلك الجدران، التي لم تتحدث قط، تخبرنا حكايات لم نكن نعرفها بعد، حكايات عن أوقات مضت، وأشخاص غابوا. لو أن الأماكن تتحدث، لكانت أصدق من أي شخص آخر
بالفعل الأماكن تتكلم، قبل سنوات كنت أتأمل الجدران المكحوطة بالرصاص كنت أسمع المدينة تأنّ حرفياً من آلام العنف فيها، الأماكن تتحدث بطرق تفوق الكلمات، فهي تحكي قصص من خلال تفاصيلها وملامحها، فالجدران القديمة تروي حكايات من عاشوا فيها والنقوش على الحجارة تحمل والأماكن تنبض بالمشاعر فمنها ما يبعث بالراحة والسلام ومنها ما يهمس بالألم كبلدي. الطرقات والأسواق يعكسون نبض الحياة والتفاعل بين البشر وحتى الصمت في الأماكن المهجورة يحمل صوت غريب له وقع على النفس.
هذه حقيقة قديمة وإلا لما وقف شعراء العرب القدامي يبكون الأطلال ويتحدثون إليها ويسألونها عن الأحبة: يقول عنترة ابن شداد في مطلع معلقته:
هل غادر الشعراء من متردم...... أن هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي.... وعمي صباحاَ دار عبلة واسلمي
فيكفي أن الحبيبة قد تنفست في تلك الدار وضمتها بين جدرانها. أعتقد أن المكان يستمد روحه من روح ساكنيه حتى ان أنهم قد يتركون أثرهم المادي و المعنوي في ترابه ومن هنا الآية الكريمة: وقبضتُ قبضة من أثر الرسول فسولت لي نفسي......
الأماكن بالفعل تحمل في طياتها الكثير من الذكريات التي تعجز الكلمات عن التعبير عنها. كما ذكرت، كل زاوية وكل ركن في المكان يروي قصة، سواء كانت قصة فرح أو حزن، أو حتى مجرد لحظة عابرة. الصور المهملة، العلكة على الجدران، وحتى النباتات التي نمت بعد وصولنا، كلها تفاصيل تحمل بصمات من عاشوا هنا قبلاً. في كثير من الأحيان، تصبح الأماكن أكثر صدقًا من البشر، لأنها لا تكذب ولا تروج لقصص مزيفة، بل تحتفظ بما كان وما مر عليها من أحداث وأشخاص. نحن نعيش في الأماكن ولكنها أيضًا تظل حاملة لذكرياتنا وأثرنا فيها، لتروي لنا قصصًا يمكن أن نتجاهلها، لكنها لا تفقد معناها أبدًا.
التعليقات