اعتادت أمي و خالاتي على تربية القطط في بيوتنا، فلا يلبث أن يذهب القط في حال سبيله إلّا ويأتينا آخر ليعيش بيننا.. لكن جدي دائماً كان يحثّهم ألّا يعتدن تلك العادة.. رحمه الله كان يقول" يابنتي فراقن صعب" ولكن البارحة ولأول مرة القط لم يذهب في حال سبيله في الحياة؛ بل ذهب في حال سبيله في الموت..
لم اكن اتصوّر ان نبدي انا ووالدتي هذا الكم من الحزن والانتحاب والبكاء وكأننا فقدنا فرداً من عائلتنا..
اكتب الآن ولاقدرة لي على التحكم في دموعي ونحيبي..
أعتقد أن أسبابي تتلخص
- عدم قدرة العقل على استيعاب معنى الموت؛ فمهما تكرر تبقى الميسترية تحوم حوله... لاأعلم حقيقةً مايحدث على وجه التحديد،لكن جميع القطط الذين غادرونا وهم أحياء لم نبدي حزناً عليهم كالقط الذي احتضر أمام عيوننا،بالرغم من احتمالية موتهم بعد مغادرتهم لكن فكرة اننا لم نعش ذلك اعتقد خفّف الوطأة..
- ذكرياتي معه فكيما أدرت رأسي يتجسّد خياله أمام عيني يلهو يشاكش ينام يقف هنا يجلس هناك يتأمل الفراغ ينظّف نفسه.. كل من عاش مع قطة لديه نفس الشعور بالتأكيد فهي تفرض نفسها عليك طيلة الوقت، من الممكن ألا تجتمع مع عائلتك ولاتراهم وكلٌّ يجلس في غرفته، وهي ستظل ملازمة لك
- السبب الأخير والأهم والذي أتمنى أن أجد أحد يعطيني أي جواب أي رد أي تأنيب حتى لامشكلة.. هو جلد الذات.. يعتصر قلبي كلما اتذكر أنني وبّخته على سلوك معين.. لاأتذكر بتاتاً ماالسلوك ولكن اتذكر صراخي وتوبيخي..أتذكر أنه يعضّني فيؤلمني فأصفعه فيندمل قلبي أشعر به ينكمش داخل ضلوعي .. أقول له سامحني ياحبيبي سامحني ياضوي لكن عيناه تبحلق في فراغ لااراه واطرافه باردة ويأن ولاادري فيما إذا كان يتألم.. أتذكر كيف أخذته للطبيب وتركته كي يضع له محاليل وقال لي أن باستطاعتي الذهاب والعودة بعد ساعتين..بعد ساعة اتصلت لأطمئن قال لي إني شرس جداً وبحاجة ثلاثة أطباء ليمسكوه..يالله ياربي عندما عدت وجدته ساكناً لايتحرك احمله للصندوق فلايصدر صوتاً.. فقط يأن..يالله ماكان يجب ان اتركه بمفرده معهم..ربما ماكان عليي أن أخذه للطبيب وان اتركه يودع حياته بيننا بسلام..لكن كان هنالك أمل بالشفاء...يالله انا لاافقه بالطب البيطري شيئاً فلا تؤاخذني بما أجهل..يارب سامحني فوالله من حبي له وشفقتي عليه يارب والله لم اكن أتخيل أنه سيموت فجميعهم يمرضون ويتقيأون ويمتنعون عن الطعام ليحموا أنفسهم ثم يتعافون سريعاً ..يارب هذا القط لم يتعافى بعد ثلاثة أيام ..يارب ألهمني الصبر والصواب واجعلني على قضائك وحكمك من الصابرين
التعليقات