فى طفولتى كان أول شغل أشتغله عند جدى لأمى - الله يرحمه - كان عنده دكان بقالة وأنا كان عندى خمس سنين لما فرضت نفسي عليه وقررت أشتغل عنده ف الصيف بمرتب يومى عبارة عن بنبوناية ومرتب إسبوعى كيس شيبسى وربع جنيه
عودنى جدى كل يوم أول ما أخلص شغلى يعطينى برطمان البنبونى كله علشان أخد منه البنبوناية بتاعتى .. ويقعد يضحك عليا ويحكى للناس عن إنى لازم أقلب البرطمان كله على الطرابيزة علشان أختار أكبر بنبوناية اللى هي غالبا بتكون ناتجة عن غلطة مكنة التغليف اللى غلفت قطعتين فى نفس الكيس
كل يوم أعمل نفس الحركة وأدور وأحيان كتير ألاقى كله نفس الحجم ، فأدور تانى وتالت وفى الأخر مبقاش راضى عن اللى أخدتها لإن عندى إحساس إن فى واحدة اكبر منها بس أنا اللى مأخدتش بالى منها
ناهيك بقا عن كيس الشيبسي بتاع آخر الإسبوع .. ده كان مأساة
هو سابنى ، وضحك على الحركة بتاعتى ، وخلى كل الناس ضحكت عليا كمان بس أنا حبيت جدى لأنه عطانى حرية الإختيار وحبيت صبره عليا برغم عصبيته مع كل الناس بس للاسف الموضوع أثر ف شخصيتى بشكل كبير
للاسف انا زى ما اتعلمت حرية الإختيار وإنى أدور بنفسي على كل حاجة محتاجها وأعتمد على نفسى فى إنتقاء الأفضل ، لدرجة إنى لغاية دلوقتى لا أذكر إنى إستعنت بحد وقت شراء أى شئ ملابس ، سيارة ، كتب ، بيت ....
بقيت مبحبش حد يختارلى او حتى يطلب لى أكل او ميخدش رأيي فى شأن يخصنى
الحركة الطفولية دى خليتنى صاحب رأي منذ أن كنت ف الخامسة .. أنا بس اللى بختار لنفسي
لكن كان لها جانب سلبي كبير جدا وملازمنى حتى اليوم ، أعانى من مشكلة الإعتقاد أنها لم تكن البنبوناية الأكبر ، لم تكن السيارة الأفضل ولا الملابس الأكثر شياكة ولا البيت الأكثر راحة
أود حتى الآن أن أقلب البرطمان كله على الطرابيزة علشان أبحث وأدور براحتى مرة وأتنين وتلاتة حتى أُرضى هذا الشبح الساكن فى قرارة نفسي الذى نما على مرأى ومسمع وضحك كل عائلتي
لا ألوم أحد ، وأريد أن أطمئن أمى فلقد أحببت والدها وسأظل أحبه فلقد أثر في كثيرا وقد فطنت إلى هذا العيب وإلى أسبابه وأهتديت إلى طرق التعافى وسأكون بخير
ويكفى أمى فخرا أن جدى لوالدى - رحمه الله - لم يعطينى لا برطمان البنبونى ولا حتى بنبوناية واحدة رغم إنه أيضا كان يمتلك دكان بقالة
التعليقات