أتذكر جيدا ذلك اليوم و تلك الليلة التي ذهبت فيها الي البيت حاملا معي ذلك الكتاب ،كانت تغمرني السعادة و الحماسة كمن يحمل بين يديه كنزا يريد إخفاءه عن أعين الناس،

ولما كان جل تفكيري منصب على الوقت المناسب لقراءته قررت أن أخصص بعض الوقت بعد عملي و لتكن نصف ساعة يوميا ، وقتها كنت أعتقد انني سأنتهي منه سريعا ربما في يوم أو يومين علي الأكثر خاصة أن عدد صفحاته لا يتعدي المئة صفحة (٨٤) و كان ذلك اعتقاد خاطئ،

بعد مرور عشرة أيام انتهيت أخيرا من قراءته و لكني لم انتهي من التفكير في الافكار التي تناولها و التي كانت بمثابة عالم جديد تماما .

"الموت في حقيقته حياه"

"الموت يحدث في داخلنا في كل لحظة حتى و نحن أحياء"

مثل هذه الأفكار و غيرها الكثير كان له بالغ التأثير في نفسي حيث أنني لم أقرأ أو أسمع مثل هذا من قبل،حيث كانت معظم المعرفة و الأفكار تأتي من خلال ما يتم دراسته فقط.

و لكن في حقيقة الأمر لم تكن الأفكار هي وحدها صاحبة التأثير الكبير، كان هناك أيضا ما هو أكثر أهمية ألا و هي طريقة التفكير ، 

ربما يكون الدكتور مصطفى محمود مصيب أو مخطئ في أفكاره و لكن طريقة التفكير ذاتها كانت عبقرية بالنسبة لي ، طريقة التفكر في ماهية الأشياء مع ربط المعلومات التي تصلنا عن طريق التعليم و القراءة و خبرات الحياة ، تم ربطها جميعا لنحصل على تلك القيمة المتمثلة في ذلك الكتاب كانت عبقرية حقا.

بعد قراءتي للكتاب أتذكر جيدا ما دار في نفسي عن نواح أخرى للموت و الحياة، فربما أنا ميت بالنسبة لعوالم أخري ، أنا ميت لما أجهله ، هذا الكتاب فتح لي عوالم جديدة من التفكير انا بالنسبة لها مثل مولود جديد أو بالأحري أعطتني القراءة حياة جديدة لعالم جديد.