بدأ ذلك الأستاذ محاضرته التربوية بسؤال: كيف تتمنى أن ترى ابنك مستقبلًا؟
فمن الحضور من قال أتمناه مصليًا والآخر تمنى ابنه حافظًا لكتاب الله وثالث تمنى أن يكون ابنه ذا شأنٍ ورفعة.
أثنى عليهم المحاضر ولكنه أجاب أن الجميع نسي الصفة الأهم والأساس الأول الذي يجب أن نربي عليه أبناءنا قائلًا: كل هذه الصفات بدون الشخصية القوية للطفل ليس لها أي أهمية.
وقبل أن نتسرع في انتقاده برر هو قائلًا: قوة الشخصية تساند الشخص في مواجهة فتن الإلحاد والانحراف وصحبة السوء وغيرها.
وأقول لكم أنا فاطمة، أن قوة الشخصية تقي الطفل من التقلبات النفسية الحادة التي ينتج عنها غالبية الأمراض النفسية وخاصةً تلك التي تبرز بوضوح في فترات المراهقة.
ولكن السؤال الأهم الآن: كيف أقوي شخصية طفلي؟
نظريًا، الأمر في غاية البساطة، عدة نقاط علينا اتباعها، ولكن عمليًا الأمر غاية الصعوبة، ليس من باب التعجيز بل من باب توضيح أهمية السعي في هذا الباب.
1- حتى أقوي شخصية طفلي علي أن أربي نفسي أولًا على تقبل الاختلافات بين جيلي وجيله وتفكيري وتفكيره وبيئتي وبيئته.
إنكاري لكل ما أراه في جيله والتحجر عند رؤيتي الخاصة لن يؤدي إلا إلى نفوره مني، ولذا علي إدراك هذه الفروق وتقبلها واستيعاب الاختلافات والتعامل معها بهدوء ورحابة صدر مما يسهم في بناء شخصية قوية للطفل.
2- يجب كذلك معرفة طبيعة طفلي بل الفرق بين شخصية كل طفل من أطفالي.
فمنهم الحساس الذي يحلل كل حرف وكل كلمة وتؤثر في نفسيته، طفل كهذا علي مراعاة نفسيته وتجنب المزاح الثقيل الذي ربما يجرحه أو يحرجه وإن كان من محبي التلامس الجسدي فلا بد من إشباعه بالأحضان والتربيت على ظهره والمسح على رأسه لأن هذه ستعد حاجة أساسية للطفل مثل الماء والهواء.
هذا الطفل الحساس سيكون أكثر إخوته شعورًا بك وتقديرًا لإحساسك ما دمت تقدره.
طفل آخر مرح روحه رياضية لا يتوقف كثيرًا عند الكلمات ولا يحللها، سيكون التعامل معه تلقائي وسهل وأكثر سلاسة لكن لن تقارنيه بأخيه الذي يراعي أدق مشاعرك، لأن هذا المرح لا يفضل أن يبحث في التفاصيل كثيرًا.
ولا تتفاجئي إذا وجدتِه غير مبالٍ بتلقي حضنك فربما يشعر أن خمس دقائق تقضيها معه بكامل تركيزك تتبادلان المزاح والنكات أكثر تأثيرًا فيه من حضن! ليس لأنه عديم المشاعر بل لأن طريقته في إشباع مشاعره تختلف.
كما يجب مراعاة الفروق في التفكير وطريقة إظهار المشاعر وطريقة الدراسة وغيرها ولا شك أن هذا من أهم دعائم بناء الشخصية للطفل.
3- النقطة الأخيرة التي أود لفت النظر إليها وهي أن نضع أنفسنا مكان أطفالنا في أي تصرفٍ كان، سواء كان خطأ أو صواب، فنحاول البحث عن أفضل رد فعلٍ تجاه الموقف.
الطفل ضرب أخاه، تراجعت درجاته في المدرسة، حفظ جزءًا جديدًا من القرآن، .....
أيًا كان التصرف فإن احتضان روح الطفل تشعره بالأمان، تدعمه وتقوي شخصيته.
إن كون الجنة تحت أقدام الأمهات لم يأتِ من فراغ، فلن تكون الجنة تحت قدمي لأني حملت طفلي وأرضعته فقط، فالكائنات جميعها تفعل.
لكن للابن حقوق يجب مراعاتها قبل أن نبحث عن حقوقنا كأمهات وآباء، والسعي في تأدية هذه الحقوق هو السبيل للجنة وعلى قدر المشقة يكون الأجر.
هل من طرق أخرى برأيكم تدعم شخصية الطفل؟
التعليقات