ذاكرة الانسان واسعة بها الكثير و الكثير ، لكن دائماً ما توجد لحظة تظل هناك ثابتة راسخة بشكل واضح وتأتى من حين لأخر بوضوح فى الذهن و كأنك تعيشها ثانية بكل شعور أحسسته هناك

بالنسبة لى ، هناك الكثير من تلك اللحظات و يمكن ما يزيد عددها هو كونى شخص حساس لكل ما حولى ، بالطبع لن أستطيع التحدث عنها كلها فى مشاركة واحدة ، لكن دعونى أشارككم و احدة منها أو أثنتين

لم أعرف أبداً معنى الفراق أو الشعور الذى يصاحبه ، لكن بعد تلك اللحظة عرفته جيداً ... من المكن أن تكون تلك اللحظة هى الأشد تأثيراً فىّ إلى الأن :

كان شخص بمثابة الأب الثانى لىً ، و لما لا فكانت أيديه من الأوائل التى امتدت لتحملنى بعد أسبوع من ولادتى ، كنت أجد بحضنه سلام غريب ، حزنت جداً عندما علمت أنه سيهاجر لكن ما أحزننى جداً أنه كان مجبوراً على ذلك فقط ليجمع عائلته المشتتة و التى كانت ستضيع منه لولا السفر ، ظننت الفراق يكون بالموت لكن ظنى كان خاطئ ... أردت أنا و كل من عرفه أن نرى ابتسامته قبل رحيله لذا أقمنا حفل لتوديعه ، كنت أشارك بتجهيز الحفل و قلبى به جرح لم أظن أن سببه سيكون الفراق ... إلى الأن أتذكره ، فى كل يوم تتضح لى تلك اللحظة التى و قبل أن ينهى كلمته أسرعت لحضنه أمام المدعويين فأبكيتهم معى ، لم أكن أريد ذلك لكن ... ماذ أفعل لم أتحمل ... لن أراه ثانية ... لن أسمع ضحكته ... لن أرى وجهه بعد الان ، حتى أحلامى تأثرت به فكنت أبكى و أبكى حين أتذكره و أتذكر كلامى معه ، هذه أكثر اللحظات المؤلمة ... يمكن أكثر من الألم الذى سببه ذخول أبى للمشفى لإجراء عملية ، عدم رؤيتى له كل يوم ، عدم تحدثى معه ، سماعى لصوته المتألم قبل العملية ، تعبه الذى استمر بعد رجوعه ... لم تكن بمرارة تللك اللحظة

لم أكن أرد أحزانكم ، لذا أعتذر إذا سببت لكم حزن أو ألم لذا دعونى أذكر لحظة مبهجة الأن :

هذه اللحظة تتكرر كثيراً معى و تتجدد باستمرار ، لا أعلم لما ... لكنى أسعد بها كثيراً ، تعلمون أنتم الأن اسمى مُهرائيل ( بضم الميم ) اسم قديم و ليس من الاسماء الشائعة ، أنا الأولى فى محافظة الغربية فى مصر بذلك الأسم الغريب - الذى يعنى قوة الله - كل من يسألنى عن اسمى ترسم على وجهه علامات اندهاش و يصعب عليه نطقه فى بادئ الامر لكن بعد أن يعلموا ما يعنى و ينطقونه مجدداً يعجبون به ، يمكن سبب شهرتى بين أصدقائى هو اسمى إلى جانب هدوئى و تصرفاتى مع الكل

لا يسعدنى ذلك بالطبع ، كونى كنت أشهر طالبة بالمدرسة ، أذهب لكل مكان أجد معلمين يشكرون بى ، يدخل المعلمون يسألون عنى أولاً و يحثون زميلاتى أن يكونوا مثلى ، و الغريب لم يكن لى أيه عداوات مع أحد تقبلنى الجميع و حصلت على أصدقاء كثر !! يلقى علىّ التحية طلاب لا أعرف أسمائهم ، حتى المديرة أعطتني الطالبة المثالية فقط لأنى أتصرف التصرفات البديهية التى تعبر عن تربيتى !!

ما يعجبنى ليس كل هذا ... ما يعجبنى حقاً هى نظرة الفخر التى كنت ألقاها في أعين أبى عندما أقص عليه كل شيئ ، و دموعه التى تكاد تخرج فخراً بي ، لا أستطيع تخيل مدى سعادته عندما يوقفه معلمى ليشكر فىّ أمامه ، لا أريد أبداً لتلك اللحظة أن تكون من الماضى أبداً ، أريد أن أراه فخوراً بى دائماً لا أريد أن أخيب آماله بى أبداً .

-------------------------------------------------------------------------

أخبرتكم بأبرز لحظات ذاكرتى ، و الأن شاركونى أليس لكم لحظات كتلك !!