لماذا ينجح بعض المؤسسين خارج مجالات خبرتهم بينما يفشل الخبراء أنفسهم؟

أعتقد المسألة لا تتعلق بالخبرة أو الجرأة وحدهما بل بكيفية الموازنة بينهما الخبرة توفر البوصلة التي تمنعك من تكرار أخطاء الآخرين والجرأة هي المحرك الذي يدفعك لتجربة مسارات جديدة في عالم المشاريع الناشئة كثيرون يملكون المعرفة لكنهم يخشون المخاطرة فيبقون في دائرة الأمان بينما من يملك الجرأة فقط قد ينجح مرة لكنه سرعان ما يتعثر إذا غابت عنه الرؤية المبنية على فهم عميق النجاح يأتي عندما تجتمع الخبرة التي ترشد مع الجرأة التي تدفع الابتكار يحتاج إلى عقل يعرف وحدس يجرؤ

معلوماتي تتعارض مع ما تقول صديقي، حسب كثير من رواد الأعمال الذين أتابعهم ينصحون بأن لا يخوض الشخص في مجال إلا إذا كان ملم به بشكل جيد ويعرف كل أسرار المجال، طبعاً هذا لا يعني بالضرورة أن يكون الشخص حاصل على شهادة أو تخصص أكادمياً في المجال، لكن ينبغي أن أن يكون ملم به بشكل جيد، ويحذر الخبراء من الدخول في مجال لا تعرفه أو لا تخبر به شيء.

أرى أن نجاح المشروع لا يقوم على عنصر واحد فقط، بل يتطلب توافر الفكرة الواضحة والرؤية الصائبه جنباً إلى جنب مع الخبرة العملية والقدرة على التنفيذ. فالرؤية والإصرار يمنحان المشروع اتجاه واضح ويحفزان على المثابرة، بينما الخبرة والمهارة العملية تحول هذه الرؤية إلى واقع ملموس وتساعد على تجاوز التحديات اليومية بكفاءة. بدون الخبرة، قد تبقى الفكرة مجرد تصور نظري يصعب تطبيقه، وبدون الرؤية والإصرار، قد يتحول الجهد المبذول إلى أعمال متفرقة بلا هدف، ما يعرّض المشروع للتعثر أو الفشل. النجاح الحقيقي إذًا يأتي من التوازن بين الإبداع والتخطيط من جهة، والتنفيذ الفعّال وإدارة المخاطر من جهة أخرى، ما يجعل المشروع قادرًا على النمو المستدام والتأقلم مع أي متغيرات تواجهه في السوق.

يفتقر بعضهم إلى الرؤية الواسعة، إذ يُلزمون أنفسهم بمنهجية ثابتة قد تُعيقهم عن اكتشاف مسارات جديدة. ذلك لأنهم استبعدوا خيارات سبق أن صُنّفت على أنها غير مجدية، دون أن يُكلّفوا أنفسهم عناء إعادة التجربة أو النظر إليها من زاويتهم الخاصة.

يتناسون أن لهم عقولًا، وتجاربًا، وسياقات مختلفة، قد تفتح أبوابًا كانت مغلقة في وجوه من سبقوهم.

فالمسار الذي فشل فيه غيرك قد يُصبح طريقك إلى النجاح، إن أحسنتَ قراءته وأعدتَ النظر فيه بعينك لا بعين غيرك.

ومع ذلك، لا يمكن تعميم هذا النوع من الجمود الفكري، فما زال أصحاب الاختصاص الحقيقيون هم الأكثر انفتاحًا ومرونةً، وما ذُكر سابقًا يظل حالة محدودة إذا ما قورنت بأهل الخبرة الذين يزنون الأمور بميزان الحكمة والتجديد. كما أن من فشلوا ممن هم لا علاقة لهم بالمجال قل ما يتم احتسابهم.

الخبرة تمنح صاحبها أدوات دقيقة لفهم المخاطر وتجنّب الأخطاء المتكررة، لكنها قد تصبح سجنًا فكريًا إذ يظن الخبير أنه يعرف "ما لا يمكن فعله" فيتردد عن التجريب.