كانت لدي في الشركة موظفة جديدة في فريق التسويق. من أول يوم، لفتت انتباهي بنشاطها وحماسها، دائمًا تأتي بأفكار جديدة ومميزة في تصوير المحتوى وإنتاجه، وتشارك الفريق بروح عالية وتفاعل إيجابي.
في أحد مشاريعنا المهمة، قررنا إنتاج فيلم قصير لتعزيز الهوية البصرية للشركة. جهزنا كل شيء: كتبنا الـScript، حجزنا لوكيشن مميز، واخترنا الكاميرا والعدسات التي سنستأجرها لتصوير العمل بجودة عالية.
كلفنا هذه الموظفة بإدارة التصوير والإخراج. كل التوقعات كانت تشير لنتيجة قوية، خاصة وأنها من أكثر أعضاء الفريق حماسًا وإبداعًا.
لكن المفاجأة كانت بعد التسليم. فوجئنا أن الفيلم تم تصويره بالكامل باستخدام الهاتف المحمول، وليس بالكاميرا التي قمنا باستئجارها.
المقاطع لم تكن سيئة... لكنها لم تكن بالاحترافية المطلوبة، وظهر فرق الجودة بشكل واضح، مما أثّر على الشكل النهائي للمشروع.
سألناها بهدوء عن السبب، فجاء ردها محبطًا: "المهم إن الفيديو كويس وبيوصل الفكرة... الكاميرا مش ضرورية."
في لحظتها، بدأنا نشك: هل هي غير ملتزمة؟ هل كانت تستخف بالتوجيهات؟ هل تفعل ما يريحها فقط دون اعتبار لمعايير الجودة أو الفريق؟
بدأت الفرضيات تتكاثر... وبدأت معها نوايا اتخاذ قرارات حاسمة.
لكن شيء ما جعلني أتوقف. بدلًا من الانفعال، قررنا نجلس معها جلسة صريحة. سألناها مرة أخرى، بهدوء وبدون ضغط:
"هل كان في سبب حقيقي خلاك تستخدمي الموبايل بدل الكاميرا؟"
سكتت لحظة... ثم قالت: "كنت خايفة أستخدم الكاميرا في تصوير الفيلم خصوصا وأني ما استخدمتهاش قبل كده في تصوير من النوع ده... أول مرة أشتغل عليها، وحسيت إني ممكن أخبّط أو أضيع اليوم كله بسبب غلطة مني. حسيت الموبايل أضمن، وكنت فاكرة إن النتيجة مش هتفرق كتير." وقتها فقط فهمنا. هي لم تكن كسولة، ولا متهاونة، ولا غير محترفة... كانت خائفة.
خافت من الفشل، خافت من تجربة شيء جديد أمام الجميع، فاختارت الحل الذي يمنحها راحة مؤقتة... لكن بدون أن تُفصح عن خوفها.
وهنا كان الدرس الأكبر بالنسبة لي كمدير: وراء كل تصرف غير مفهوم، سبب.ووراء كل تقصير، قصة. ووراء كل خوف، فرصة دعم.
لو كنا اتخذنا القرار السريع بطردها أو مواجهتها بقسوة، كنا خسرنا عنصر موهوب فقط لأنه ما حسش بالأمان وهو بيجرب لون جديد من التصوير.
التعليقات