تشك في ان أحد موظفيك تعرض للتنمر أو التحرش ويلتزم الصمت، كيف ستساعده في التحدث إليك؟

بصراحة المشكلة في بعض الدول العربية تتجاوز بكثير مجرد مسألة "الإفصاح أو عدمه"، فبمجرد أن يبلغ الموظف مديره بما تعرض له، قد يتحول من الضحية إلى من يُنظر إليه على أنه مثير للمشكلات! والأسوأ من ذلك أن الأمور قد لا تقف عند هذا الحد، بل يبدأ مسلسل القيل والقال والغيبة والنميمة، فيصبح الموظف محط أنظار الجميع، وكأنه هو المذنب، فثقافة الإفصاح عن قضايا مثل التنمر أو التحرش لا تزال غائبة عن الوعي المؤسسي، وكأنها غير موجودة في القاموس أصلاً، لذلك قبل أن نطالب الموظفين بالإفصاح، علينا أولًا أن نهيئ بيئة عمل آمنة ومحترمة تشجعهم على ذلك دون خوف من العواقب أو التشهير.

ما لا يدركه كثير من أصحاب الأعمال أن بيئة العمل ليست مجرد مكان لإنجاز المهام، بل هي نسيج اجتماعي يؤثر على نفسية الموظف وسلامه الداخلي. الشعور بالأمان، والاحترام، والعدالة، هو ما يحفز الإبداع والانتماء، لا الراتب وحده.

بالتالي، حين يُهمل الجانب النفسي، وتُترك السلوكيات المؤذية بلا رد، فنحن لا نخسر موظفًا فقط، بل نخسر مناخًا كاملًا كان يمكن أن ينتج ويزدهر. الإفصاح لا يُطلب من الموظف وحده، بل يُبنى له جسر من الثقة يبدأ من القمة

من الضروري أن يتم التعامل مع هذه القضايا بشكل سري ومحترف، دون أي حكم مسبق أو تهديد للموظف. كما أرى أنه يجب تقديم دعم نفسي وقانوني للموظفين المتعرضين لمثل هذه السلوكيات، بحيث يشعرون بالأمان والراحة للإفصاح دون الخوف من تداعيات سلبية على حياتهم المهنية.

إذا كنا نريد حقًا بيئة عمل صحية وآمنة، فلا يكفى أن نُعلق سياسات ضد التنمر والتحرش على الجدران أو نرسلها عبر البريد. بل علينا كمديرين أو قادة أن نزرع الثقة فى القلوب لا فقط القوانين . ما ذكرته من أن 29% فقط يناقشون المشكلة مع مدرائهم بحسب تقرير معهد CIPD مؤشر على أزمة ثقة فى بيئة العمل نفسها، وليس فقط فى الشخص المتنمر. الصمت هنا ليس خوفًا فقط بل أحيانًا شعور داخلى أن ما من جدوى.