"الشروط الجيّدة تجعل الصفقة جيّدة." لربّما هذا القول من أصدق الأقوال التي لمست أثرها في حياتي الشخصية والعمليّة. في الماضي كنتُ معتادةً على خوض أي عمل أو علاقة شخصيّة بدون تحديد سقف أو حدود غير مسموح تخطّيها. فكنتُ لاحقًا أتخبّط بما لا يرضيني وأضطر للرضوخ والقبول على مضض لأنّني منذ البداية لم اقل "لا" لهذا أو لذاك أي لم أنتفض! ففي إحدى المرّات مثلًا عملتُ كمتدرّبة في إحدى المصارف، وقد وقّعت عقد العمل بدون مناقشة بنوده مع المدير، المهم أنّني حصلتُ على فرصة العمر كي أتدرّب قبل "الوظيفة الحلم." لاحقًا تفاجأت بالطّلب منّي نقل ورقة من الطابعة للمدير أو إحضار قلم لأحد الموظّفين (وهو أمر ليس وارد بالعقد أصلاً). ولكن مهلًا، فالتدريب المتّفق عليه هو على كيفية إنجاز الأمور الماليّة وليس على نقل الأقلام والورق!"

إلّا أنّني حينها لم أقم بعمل ما يقوم به الفرد العادي في هذا الموقف وهو "الاعتراض"! بل آثرتُ الصمت إيمانًا منّي بضرورة ترك انطباع حسن لدى الجميع على أمل الحصول على وظيفة دائمة في البنك وهو أمر لم يحصل . بعدها بفترة، تكاثرت عليّ المهام التي أقوم بها والتي ليست مرتبطة ببنود العقد وقد علمني هذا الأمر الكثير.

في مراحل لاحِقة من حياتي وعند حصولي على أيّة وظيفة صار لزامًا عليّ التقيّد بأمرين:

1-مناقشة بنود أي عقد قبل توقيعه وتحديد الحدود التي لا يمكن تخطّيها معي كموظّفة

2- الاعتراض عند حصول ما لا يرضيني ولو كان على حساب الانطباع الحسن الذي لن أحصل عليه لاحقًا

فمنذ مدّة مثلًا عملتُ كموظّفة في إحدى شركات المحاسبة. في اليوم الأوّل من العمل، عملتُ لمدّة 7 ساعات بدون أي استراحة وبدون أن تبلّغني المسؤولة عن أخذ وقت لأستريح. وفي اليوم الثّاني والثالت والرّابع تكرّر الأمر. استشرتُ صديقتي في هذا الموضوع فأخبرتني أنّه من الأفضل الانتظار حتّى أترك أثرًا حسن بما أنّني جديدة وحتّى لا يؤثّر الأمر على تقييمي. ولكن ألن يصير هذا استغلالًا إن لم أفرض حقوقي منذ البداية على أنّها دستور مقدّس؟ في اليوم الخامس اعترضت وقلتُ أنّني أريد فترة برايك لأنّها حق من حقوقي.

بالنّسبة لتقييمي، لم أعرف إن تأثّر بهذا الأمر. ليس مهمًّا، المهم احترام الحدود والحقوق. وأمّا مبدأ الانتظار حتّى إثبات الكفاءة فهي برأيي مغالطة كبيرة.

ماذا عنكم، هل تعترضون منذ البداية على ظروف العمل الشاقّة؟ أم أنكم تسيرون حسب المبدأ القائل " ترك انطباع حسن؟