أكثر من مئة رحلة تسوّق قي متجر البقالة ولا زلت أشتري العصير من نفس العلامة التجارية. بالرّغم من أنني زبونة ذات ولاء، إلّا أنّ هذا ليس سبب إصراري على نفس العلامة التجارية ولكنه ما تقوم به الشركة من تقسيم للعملاء وتخصيص لهم. فعندما تعرّفت على العلامة التجارية للمرّة الأولى وجدّتها على الرفوف بنكهات مختلفة وهو ما أسعدني وعندما اتبعت حمية وجدّت منها عصير مخصّص للحمية. وفي مراحل لاحقة وضعت الشركة نكهات لا وجود لها في السوق وكم كنت سعيدة بما أنّني زبونة ميّالة لكل جديد! فهذه الاستراتيجية التسويقية التي تعتمدها الشركة وهي تقسيم العملاء، تهدف إلى تجزئتهم إلى مجموعات أو فئات تشترك في السمات والسلوك وهو ما يسمح باستهدافهم باستراتيجيات تسويقية محدّدة. فأنا مثلًا كعميلة أنتمي للفئة المحبّة لتعدّد الخيارات والابتكار واتباع حمية! وهكذا تواليك بالنسبة لباقي الفئات.

كانت المرّة الأولى التي أسمع فيها بمصطلح "تقسيم العملاء" منذ بضعة سنوات أي عندما اشتريت أوّل هاتف آبل. فآبل تعتمد في صلب استراتيجيتها التسويقية على الاستهداف الدقيق لعملائها والتخصيص الشخصي Personalization لهم. فكما قلتُ في مساهمة سابِقة، ينطلق التسويق لدى آبل من معرفة العميل أوّلًا ثمّ يتجه نحو ابتكار المنتج الملائم للفئة المستهدفة. ومن أجل إنجاح هذه الاستراتيجية تقوم آبل بتقسيم عملائها وفق العوامل الديموغرافية (مثل العمر والجنس والدخل) وبناءً عليه فإنّها تقوم مثلًا بتقديم Ipad mini وهي التي تناسب ميزانيّات الشباب والعائلات . ومن ناحية أخرى فإنّ آبل تجزّء عملائها وفق نمط الاستخدام. فعلى سبيل المثال فهي تقدّم هاتف Iphone وهو الملائم للعملاء الذين يفضّلون الهواتف الصغيرة و Iphone pro لمحبّي الشاشات الكبيرة والميّزات الإضافية المتقدّمة. وقد سمحت هذه الاستراتيجية التي تتبعها آبل ببناء روابط عاطفيّة مع العملاء. ويعتبر مناهضي استراتيجية تجزئة العملاء أنّها تسمح بالانحياز لفئة دون غيرها وهو ما يؤدي لتهميش بعض فئات العملاء.

على المقلب الآخر هناك شركات تتّبع استراتيجية التسويقي الجماهيري أو الشامل Mass marketing وهي التي تقوم باستهداف الجمهور ككل وبدون تجزئته. إلّا أنّني أشكّك بجدواها. فكيف أستطيع كمسوّق أن أجذب زبونًا بشكل دائم إن لم أسعى إلى تخصيصه ومعرفته؟ فهل الجمهور يتساوى في خصائصه وأذواقه؟ حتمًا لا! فالاختلافات تظهر بين الفرد والفرد أصلًا.

وماذا عنكم، ما هي الاستراتيجية التسويقية التي تفضّلونها:تجزئة العملاء أم التسويق الجماهيري؟ وكيف أستطيع إنجاح تجزئة العملاء بدون الانحياز لفئة دون غيرها؟