دائِما ما كان ولا يزال يثير فضولي السّؤال التالي: لما التوصية التي نحصل عليها من صديق أو قريب حول إحدى المنتجات أقوى وأكثر فعاليّة من دعاية المنتج بنفسه حول نفسه؟

ما أتحدّث عنه ليس مبالغة أبدًا بل تجربة تحصل معي ومعكم بشكل متكرّر: يخبرنا أحدهم أنّ متجرًا لم نسمع به يومًا يبيع أحذيةً رياضيّة رائِعة حتّى أكثر روعة من أحذية أديداس (وهو أمر مبالغ فيه ولكن لأريكم أثر الدّعاية عبر دائرة الأقرباء) فما يكون منّا إلّا أن نذهب مع مخطّط لشراء ثلاثة أحذية : واحد للعمل وآخر للنزهات وثالث للقاءات العمل.

فما الحاجة للإعلانات إذًا مع وجود من يروّج للعلامة التجاريّة من خلال تجربته الرّائِعة؟ وما يؤكّد فكرتي التي أطرحها الإحصاءات التي تشير أنّ 83% من الأشخاص يزيد احتمال شرائهم لمنتجٍ ما بعد حصولهم على توصية من صديق أو قريب وهو ما نسمّية مناصرة العلامة التجاريّة.

ودائِما ما تُعجبني شرِكة تسلا كمِثال قوي حول هذ الأمر، وهي الشركة الرّائدة في مجال السيّارات الكهربائيّة. فهل تعرِفون أنّ هذه الشركة الشهيرة لا تنفق حتِى قرشًا واحِدًا على التسويق؟ بل هي تعتمد على مشاركة عملائها المخلصين لتجربتهم مع الآخرين وهو ما ينقل سمعتها الحسنة من فردٍ إلى فرد الذين يصبحون أنفسهم عملاء محتملين.

ولكن ثمّة أمر أثار حفيظتي في هذه السياسة، أي سياسة التسويق عبر الحديث عن العلامة التجاريّة، وهو أمر حصل معي شخصيًّا. ففي إحدى المرًات أبلغتني إحدى الصديقات حول متجرٍ يبيع ثياب على أساس الوزن وهي ثياب لعلامات تجاريّة شهيرة ولكن بأسعار تشجيعيّة. فما كان منّي إلّا أن ذهبت لأتفاجأ أنّ ما أراه أقل بكثير من التوقّعات التي رسمتها: فقد وجدّت ثياب لعلامات تجاريّة شهيرة بالفعل ولكنّها ثياب تعاني من ثغرات وعيوب وهو ما أصابني بالصّدمة والإحجام عن الشراء حتّى لما أعجبني. فلِما تعطي المتاجر هذه الانطباعات حول ما تعرضه حينما يكون المعروض أقل بكثير من التوقّعات؟ فما أخبرتني إيّاه صديقتي واتّضح أنّه مبالغ فيه هو إعلان الشرِكة نفسها التي تعمل على تلقين عملائها بشكل غير مباشر حول ما عليهم أن يقولوه حول منتجاتها وذلك من خلال حملاتها الضخمة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وهنا وصلت إلى استنتاج مفاده أنّ سياسة التسويق من خلال المناصرة أو الحديث عن العلامة التجاريّة قد يؤدّي إلى وضع توقّعات عالية من قِبل العملاء الذين لا يلبثوا أن يُصابوا بالصّدمة لدى رؤية الواقع.

وهنا سؤالي لكم، هل تتّفِقون معي حول استنتاجي؟ وهل تجِدون أنّ التسويق من خلال المناصرة أو الحديث عن العلامة التجاريّة سياسة فعّالة أم أنّها تضرّ بالعلامة التجاريّة؟ ولِما ذلك؟