الموظفون المخلصون هم نعمة لكل شركة وبالتالي هناك طلب كبير عليهم، لكن لماذا لا يزالون أكثر ندرة؟ ما المفهوم التقليدي الخاطئ لدى مؤسساتنا الذي أدى لذلك؟

ربما النتيجة غير المتوقعة التي حصلت عليها من واقع تجربتي الشخصية عند إجرائي مسحاً استطلاعيا باحدى الوزارات الهامة في بلدي لقياس درجة الولاء لموظفيها باستخدام نموذج قياس الولاء الوظيفي (الأبعاد الثلاثية للولاء) هي ما دفعتني لمشاركتها معكم.

فقد وجدت أن 73% من الموظفين صنفوا ولاءهم لمؤسستهم تحت بند المصلحة أو ما يسمى بالولاء المستمر (وهو أحد أبعاد الولاء الثلاثة) والذي يربط ولاء الموظف بمقدار ما يحصل عليه من مكتسبات وامتيازات في وظيفته.

فالولاء المستمر يعبر عن قيمة المنافع والقيم الاستثمارية التي من الممكن أن يحصل عليها الفرد فيما لو استمر في المنظمة التي يعمل لديها، مقابل ما سيخسره هذا الفرد فيما لو اتخذ قرار العمل لدى جهات أخرى. ففي حالة هذا النوع من الولاء يكون التشبث بمكان العمل مجرد مناورة من جانب العامل لتجنب التكلفة المترتبة على تركه للعمل، وليس ارتباطاً عاطفياً أو تناغماً مع أهداف وقيم المؤسسة على غير المفهوم السائد.

أتعلمون ما معنى هذا؟

أي أن هناك 73% من موظفي الوزارة ولاءهم للعمل فيها هو مرتبط ارتباط كامل بما ستقدمه الوزارة لهم من مكتسبات أو نتيجة عدم توفر فرص عمل بديلة لهم في حينها !! ففي حال توفر البديل أو انقطاع الامتياز المأمول فهم مغادرون لا محالة.

طبعا أنا كما البعض للوهلة الأولى ربما يرى هذا عيباً في العاملين وأنهم (مصلحجية) ويهرولون وراء مصالحهم غير آبهين بواجب وطني أو أخلاقي أو ما سيقال عنهم.

إلأ أنه بعد مراجعة العديد من الدراسات وجدت أن النسبة طبيعية ومنطقية بل هناك الكثير من الأدبيات والنظريات التي تحث المؤسسات على زيادة ولاء العاملين لديها فقط عبر ربط مصالحها بمصالحهم الشخصية بعيداُ عن محاولة استعطاف العاملين ونيل ولاءهم العاطفي والأخلاقي وعدم الركون على ذلك لمدة طويلة فلا ولاء دون تحقيق مصلحة للطرفين.

هل مؤسساتنا العربية تقبل ربط ولاء العاملين المميزين بامتيازات تمنحهم إياها؟وما هي الأساليب التي بالامكان اتباعها لتنمية الولاء الاستمراري المبني على المنفعة المتبادلة؟