عقلي ماكينة أفكار لا تتوقف عن العمل في كل لحظة تنهمر منه أفكار مشاريع لا تعد ولا تحصى! فإذا كنت في الصحراء واحتجت لكوب قهوة لأقول: هذا مكان مناسب لعمل مشروع بيع القهوة! وكأن هذا المكان الذي توقفت عنده سيتوقف المئات غيري فيه، وجميعهم سيخطر على بالهم تناول القهوة في هذه اللحظة تحديدًا؛ والتي ستجعلهم يقفون أمام مشروعي فرحين بالكوب الفاخر الذي أقدمه لهم

 ولو كنت في سيارتي؛ وأصابها عطل في مكان مقطوع سأقول: هذا موقع مثالي لفتح محل ميكانيكي سيارات.. على أساس أن الناس جميعها ستمر من ذات الطريق وتتعطل سياراتها عند باب محلي فيخرج العمال لهم كملائكة الرحمة! يضمدون جراح سيارات الزبائن؛ والزبائن ممتنون لهم ويشعرون بالسعادة لوجود هذا الفريق الرائع في هذا المكان المقطوع .. 

 حتى حين أشارك مساهماتي في حسوب قد يخطر لي: أن أضع اقتراحاً من أجل تأليف كتاب؛ من خلال المشاركة بالتعليقات تحت عنوان مثير للاهتمام فأقول: يمكننا استثمار المشاركات في تأليف أسرع كتاب في العالم وبيعه عبر منصة كندل مثلًا وتقسيم الأرباح بيننا! 

وكأننا نجلس في مكتب واحد ولدينا نفس الاهتمامات والأهداف! والأمر والأدهى أنني لم أفكر بردة فعل إدارة المنصة أو مدى ملائمة ذلك لقوانينها!

 هذه المواقف وغيرها يتعرض لها غالبية الناس حيث يفكرون من وجهة نظرهم فقط! ولا ينظرون للجوانب الاخرى المحيطة بالفكرة. بالإضافة لذلك فإن غالبية الذين يطمحون لصناعة فرصة، ويسعون للتحرر المالي والاستقلالية ما يؤخرهم عن البدء؛ هو الوقوع في براثن التفكير اللانهائي.

 أملاً في الوصول "للفكرة البكر" التي لم تخطر على بال أحد قط.. وهذا الأمر وإن لم يكن مستحيلاً فهو نادرًا! وإلى أن يحدث علينا استغلال الوقت بتطبيق أي فكرة تخطر ببالنا ولكن كيف يمكننا الحكم على مدى صلاحية الفكرة للتنفيذ؟!

فالفكرة بحد ذاتها لا قيمة لها؛ بينما طريقة التنفيذ هي التي ستخلق قيمة الفكرة.

 فإذا أخبرتني أنك ستفتح محلاً لبيع" الساري الهندي" _كفكرة _ لن أتحمس لها. ولو قلت أن هذا المحل سيفتتح في مدينة غزة مثلا سأخبرك أنه مشروع فاشل؛ لأنني أعلم أن الذوق العام لن يهتم بهذا المنتج . بالإضافة لأن عدد الهنود الموجودين هنا قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا يمكن التعويل عليهم من أجل دفع المشروع للإمام.

 أما لو قلت لي أنك ستقوم بذلك في مدينة مثل أبو ظبي سيختلف الأمر لأن هناك عدد من المهتمين بالمنتج ولكن هل هذا سيكفي لنجاح المشروع؟! هنا لابد من دراسة السوق وفهم حاجة العملاء وهل هناك طلب على هذا المنتج أم لا وكم حجم الطلب؟ 

 إلا أن الأمر سيبدو أفضل من خلال متجر الكتروني يخاطب كل دول العالم غير مقيد بمنطقة جغرافية محددة، ولن يتكبد تكاليف الإيجارات الباهظة والمصاريف اللوجستية الازمة، وخاصة لو كان دور المتجر مجرد وسيط بين المصنع والعميل يتم الإرسال من خلال المصنع مباشرة ولك هامش ربح معين سيبدو الأمر مشجعاً.

من هنا علينا التأكد بداية من:

  • أن الفكرة لها سوق: بمعنى أنها تحل مشكلة يعاني منها سوق بحد ذاته. و علينا أن نخاطب هذا السوق من خلال: ألامه ورغباته ونعرف جيدًا ما هي احتياجاته وإلى أين يود الوصول؟
  • قابلة للتطبيق: أي أن تكون ممكنة، وليست أوهام وأن تكون متناسبة مع القدرة الشرائية لهذا السوق لأن عجز السوق عن دفع الثمن يعد من معيقات التنفيذ.
  • أنها تشتمل على تحسينات معينة مقارنة بالحلول المتاحة بالسوق: بحيث قد تكون أفضل من ناحية السلامة في طريقة الاستخدام، أو توفر عامل الوقت، أو تقلل الجهد المبذول، أو فائقة الجودة بصورة ملحوظة أو أن تكاليفها منخفضة بصورة ملموسة ..
  •  التأكد من إدخال التكنولوجيا: في أي جانب منها إن لم تكن من معتمدة على التكنولوجيا البحتة.
  • قابلة للتطور والنمو والتجديد.

من هنا يمكننا فلترة الأفكار التي تخطر على بالنا وبعد اختيار الأفكار القابلة للتنفيذ يمكننا دراسة سوق كل منها والمقارنة بينهم حتى نصل للأفضل. 

إذا كنت تملك فكرة مشروع تشتمل على هذه المواصفات لا تتردد في تنفيذها.. وسنسعد كثيرًا لو شاركتنا فكرتك بالتعليقات فقد يكون أحدنا عميلك المحتمل ويخبرك عن أهم ميزة يود الحصول عليها من خلال منتجك!