في لقائي الأول مع جورج _مدربي لريادة الأعمال_ أخبرته أنني أملك فكرة إنشاء تطبيق لتعليم الأطفال ريادة الأعمال ولكني لا أملك المال الكافي... فما كان منه إلا أن أشاد بالفكرة وطرح علي مقولة جراند كاردون قائلاً: لم لا تجربي. شعرت حينها بالسخرية وقلت له حرفيا: أأنت متأثر بالبيئة الكندية أم أنك كنت في زيارة لكوكب آخر؟! 

 طبعاً كنت على قناعة تامة بأن هذا القول من قبيل الأحلام، ولا أخفيكم فقد شعرت بالقلق حيال هذا المدرب! وخشيت من أن يقدم لي الأوهام وهذا ما لا أنتظره .. تناقشت معه حول الفكرة وأخبرته: أنني قمت بإعداد دراسة جدوى قبل أربع سنوات، وتوقفت عن التنفيذ بعد أن علمت أنني بحاجة ل 50 ألف دولار كبداية. ومهما قمت بتخفيض المبلغ فإنه سيبقى كبيرًا علي .

فأصر بجملة واحدة كررها مرارًا: إبدئي دون مال! وأنا أجادله.. كيف ؟.. فلو أردت أن أتجول بعربة قهوة، سأنفق على الأقل 200$ فكيف يمكن أن أبدأ مشروع كهذا صفر اليدين، وينجح؟!

كانت قناعاتي ترفض ذلك وتأبى فهم أنه من الممكن فعله؛ ولكني تعلمت أنه يمكنني جعل رأس مالي مكون من طاقتي ووقتي بدلاً من النقود . وبدأت بالتنفيذ خطوة خطوة . غيرت طريقة تفكيري بمشروعي، و بالتالي اختلفت الأدوات. 

فبدلاً من إنشاء تطبيق، قمت مؤقتاً بإنشاء مجموعة فيسبوك. وبدلاً من الإعلانات الممولة، اعتمدت على التسويق العضوي؛ من خلال تسويق الأعضاء أنفسهم للمشروع .. ولأنني لم أكن معروفة لعملائي المحتملين، أصبحت بحاجة لبناء ثقة بيني وبينهم؛ فقمت بتقديم نفسي من خلال منشورات مختصة للأطفال، والحديث عن أهمية هذا النوع من الأنشطة، ليس فقط من أجل المال فهو ليس الهدف الأساسي. وإنما هناك أهداف أخرى: كتعزيز الثقة بالنفس، ومحو الأمية المالية وكيفية إدارة مشروع ... وما إلى ذلك. 

 ثم توجهت لإطلاق أول تدريب مجاناً. وكان الإقبال رائع والنتائج محفزة، ليس لي فقط بل للرواد الصغار وذويهم. 

من هنا بدأ الأطفال أنفسهم يروجون لمشروعي وأصبحت تنهال علي الرسائل من أجل الاشتراك بالتدريب، وكنت قد اكتفيت بالعدد الموجود. وبعد شهر أعلنت عن التدريب المدفوع وكان بقيمة 100$ للطفل واستقطبت 30 طفلاً من مختلف الدول العربية وضعت كل جهدي من أجل التأثير على حياتهم إيجابياً بطريقة ملحوظة للجميع ردود الافعال كانت مشجعة للاستمرار وكان كل طفل يجلب لي صديق أو قريب للمرة التالية، وحتى الآن لم أنفق دولاراً واحدًا. لكني كنت أضع كل مجهودي ووقتي ومهاراتي في ذلك فلدي خلفية بعمل التصاميم بالإضافة لاعتمادي على القوالب الجاهزة. أملك خبرة بالتعامل مع الأطفال، وأسلوب محفز لهم .. أقدم مادة متناسبة مع عمرهم وتعطيهم معلومات صحيحة ودقيقة كانت الأمهات بعد كل لقاء يخبرونني أنهم يجلسون بجانب أبنائهم من أجل التعلم .. ومن هنا أدركت أنني لو بدأت قبل أربع سنوات لقمت اليوم بإطلاق هذا التطبيق و أيقنت تمامًا أن المال ليس أساس المشروع وإنما الفكرة وطريقة التنفيذ .

لذا نصحت صديقتي أن تبدأ بتحويل وقتها لمال من خلال دخولها مجال العمل الحر وإنشاء حساب عبر موقع مستقل استطاعت من خلاله استقطاب عملاء لتقدم لهم خدمة البحث العلمي، وحصلت خلال 6أشهر على مبلغ 350$ قامت باستثمارها من خلال شراء مواد خام لمشروع مطرزات يدوية. ولأن السوق لدينا مكتظ بهذا النشاط؛ دعوتها لتغير الصورة النمطية للمنتجات وتقوم بتقديمها بأشكال عصرية، صورت العينات التي صنعتها وقمت بنشرها عبر مجموعات العرب المقيمين بالولايات المتحدة وكندا وأوروبا وكلما نشرنا هذه الصور أكثر كلما وصلت لعدد أكبر وكلما كان هناك طلب أعلى وإذا كان أول طرد تم إرساله يحتوي على 5 قطع فقط! فإن الطرد الذي أرسلته في رمضان الماضي كان يحتوي على مئتي قطعة.. وإذا كانت لم تحقق ربحاً يروي طموحها في البداية فإنها اليوم تمطر غيثا لمن حولها وتوظف ربات بيوت معيلات لمعاونتها..

لا أنكر أن رأس المال مهم، وأنه قادر على تسريع العملية وجعلها أكثر مرونة. لكن عدم توفر المال لا يعني أن أقف مكتوفة الأيدي كما فعلت لسنوات؛ وإذا كنت لا أملك مهارة فيكفيني أن أبدأ بتعلم مهارة. و أكف عن انتظار المال تحت غطاء زجاجة الكوكاكولا أو في ورقة اليانصيب أو حتى بمسابقة الحلم، هذا التفكير هو العائق الأكبر.

بعد أن أخبرتك بتجربتي؛ ما رأيك أن تخبرنا بتجاربك بهذا الخصوص، وإن كنت لا تملك تجربة فلم لا تجعلنا نفكر معًا بأفكار تناسبك ؟