في ظل جائحة كورونا وخلال فترة الحجر المنزلي انشغلت كثيرًا بالبحث عن مهارات جديدة لأتعلمها.

وكان أهمها: تعلم نظرية تريز. فقمت بالالتحاق بأكثر من دورة تدريبة متخصصة بها من أجل اتقانها وفهم آليتها.

كان من العجيب بالنسبة لي أن يكون هناك نظرية بهذه الأهمية لم أسمع عنها من قبل! وأعتقد أنها لم تأخذ نصيبها في المجتمعات العربية إلا مؤخرًا.

على الرغم من كونها عرفت للعالم منذ النصف الثاني للقرن العشرين؛ بعد تفكك الاتحاد السوفيتي تم الإفصاح عن هذا السر الذي أخفي لسنوات طويلة.

 تعود نظرية تريز لكاتب الخيال العلمي الروسي (هنري ألتشولر ) الذي أدرك من خلال قاعدة البيانات الضخمة التي قام بدراستها وتحليلها: أن هناك عددًا محددًا من الاستراتيجيات تتكرر عبر العديد من المجالات .

وقد حددها بأربعين إستراتيجية استخدمت بشكل متكرر في حل المشكلات.

 وبالتالي فهو استخلص أن من الممكن تعليم الإبداع وخلق حلولاً جديدة من خلال تجريد المشكلات و وضعها على قوالب هذه النظرية، لنخرج بالاستراتيجية الملائمة التي بوسعها تحسين المنتج .

وإذا كانت ريادة الاعمال هي حاضنة الإبداع والابتكار فإنه ثمة تلاقي كبير بينها وبين هذه النظرية؛ من خلال تطوير المنتجات الموجودة فعليًا والبحث عن الاستراتيجية الملائمة، التي باستطاعتها تقديم قيمة منافسة للمنتج وجعله يظهر بصورة جديدة و فريدة .

فمثلاً :

 استراتيجية التقسيم أو التجزئة: تجعلنا نحصل على منتج جديد في حال كان قابلاً لللتجزئة. كتقسيم منتج الأرز المعبأ بأكياس تزن 30 كجم إلى أجزاء صغيرة وبالتالي يمكن للمصنع إنتاج أكياس بأوزان مختلفة ما يزيد حجم الطلب عليها .حيث أوجد حل لمشكلة الأسر الصغيرة التي لا تحتاج المنتج بكميات كبيرة وتتردد لشرائه .

  ووفق استراتيجية تغيير الألوان: يمكن خلق حلول جديدة للمنتجات كاختيار اللون الاحمر مثلاً للحليب البقري، واللون الأخضر لحليب الناقة، واللون الأزرق لحليب اللوز، الأمر الذي يجعل المستهلك بمجرد النظر يختار المناسب له دون الحاجة لقراءة ملصق العبوة .

أما استراتيجية الفصل: فتعتمد على فصل الجزء الضار عن النافع كما حدث من تطور لحق جهاز التكييف حيث تم تثبيت الجزء الضار، بالخارج كونه مصدر الإزعاج مع الاحتفاظ بالجزء المفيد بالداخل وهو المسؤول عن التبريد أو التدفئة وبالتالي تم حل مشكلة الإزعاج الناتج عن الجمع بين الجزء النافع والضار في نفس المكان .

كما أن استراتيجية القلب أو العكس: خلقت منتجات مميزة مثل جهاز المشي فبدلاً من أن نذهب للمشي خارج المنزل أصبح المشي متاح داخل المنزل أوالصالات الرياضة .

و يبقى ٣٦ استراتيجية أخرى منها: الوزن المضاد،الميزة المكانية،الاحتواء، الدمج،تغيير التناسق،المواجهة الأولية،الإجراء التمهيدي..

ويرى سيمون سافرانسكي ( Savernsky ): أن تريز منهجية منتظمة ذات توجه إنساني تستند إلى قاعدة معرفية، تهدف إلى حل المشكلات بطريقة إبداعية.

 وتشير المنهجية المنتظمة في هذا التعريف إلى وجود نماذج عامة من النظم والعمليات ضمن الإطار العام للتحليل الخاص بهذه النظرية، وإلى وجود إجراءات محددة لحل المشكلات، وأدوات يتم بناؤها لتوفير الاستخدام الفاعل في حل المشكلات الجديدة.

باعتقادي أن ما يميز هذه النظرية: هو تركيزها على الإنسان حيث يعتبر الإنسان هو هدف هذه النظرية من خلال تطوير مهاراته واتباعه لإجراءات منظمة غير عشوائية تجعله يهجر الطرق التقليدية لحل المشكلات ويستخدم استراتيجيات محددة، لم يثبت حتى الآن خطأءها أو وجود غيرها.

تم الاعتماد على هذه النظرية في الكثير من المؤسسات والشركات والمصانع من أجل تطوير منتجاتها او أساليبها الإدارية. 

ومع ذلك لازال هناك من ينكر أن الإبداع مكتسب ويمكن تعلمه! ترى مع أي الفريقين أنت ؟!