كنت عائدًا في طريقي إلى البيت بعد عمل يوم شاق، في الطريق ركنت المركبة جانبًا أمام محل لبيع الخبز، كنت في عجلة من أمري؛ فأنا بالكاد أصل البيت لأستحم وأتناول طعامي بسرعة، ثم آخذ والدتي إلى الطبيب حيت كان بيننا موعد مسبق، اشتريت نصيبي من الخبز، وخرجت تجاه السيارة، الجو حار جدا والهواء لافح ربما ما أن تصب شيئا من قارورة مياه على الأرض حتى تتبخر بسرعة الضوء، وكأنها أثر من بعد عين، استوقفني أحد الأخوة من ذوي الإعاقة وكان منهكًا وقد بدت عليه علامات الاعياء والتعب الشديد، ساعدته بما أستطيع تم استقليت السيارة، وقد اغرورقت عيناي بالدموع، وما زالت صورته وملامحة التي توشي بأنه في أول الأربعينات لكنه فقد كل شيء، صرخت من داخلي يا وجع القلب..!!، 

بقى الموضوع يراودني حتى بعد أن رجعت للمنزل واستمر معي، ولسان حالي يقول هل يمكن أن نعيش ونغض الطرف عنهم وقد يتعرضون لشتى أنواع السباب والشتائم، أو ويقعون فرسية سهلة للأوبئة والأمراض، وحتى الاهانات والاعتداءات ليست ببعيدة عنهم أيضًا، أين الرحمة؟، أليسوا متساوون في الحقوق أمام الله ثم القانون؟ أين الرحمة بهم؟، ظلمهم المجتمع حين لم يراعي الفروق بينهم وبين الأصحاء حتى رسخ عقدة النقص لديهم ومع الوقت صار عقلهم اللاشعوري ينظر لأنفسهم بأنهم أقل من الناس في كل شيء، ثم بعد ذلك نلومهم؟؟، أم أننا استسهلنا لوم الضحية.

الكثير منهم بل الأغلب صاحب إعاقة واحدة أو اثنتين على أكثر تقدير، فالقعيد على سبيل المثال لو تهيأت له الظروف لأصبح مهندس حاسبات فذ أو مبرمج يشار إليه بالبنان والكثير الكثير من الأعمال المكتبية تناسبهم بامتياز، وهناك من المشاريع ما تناسب كل فئة على حدى، ويمكننا أن ننجح في دمج ذوي الهمم في المشاريع الريادية، ولكن لابد من تزويدهم بالمهارات اللازمة لتنمية قدراتهم وتهيئتهم للاعتماد على ذاتهم مثل:- مهارات العناية الذاتية كالنظافة الشخصية وأدأب المائدة وتناول الطعام، مهارات حياتية: كالقدرة على التعبير والمناقشة بأي وسيلة يستطيعونها والسماع لهم وأخذ وجهة نظرهم محل اعتبار، مهارات البيع والشراء والتعامل مع الأصدقاء بطريقة صحيحة وضمن قدرة كل فئة، المهارات المتعلقة بالعمل وهنا احرص على زرع فكرة العمل ضمن الفريق والتعاون وتأدية بعض الأمور البسيطة أولا، مهارات استكشافية بهدف معرفة موهبة كل عضو على حدى، وتنميته مهارات خاصة بهدف زرع روح الأمل والتفاؤل في قلوبهم وصقل المبادئ السليمة وتعزيز الأخلاق الحميدة وتدريبهم على السلوك القويم.

تلك فئة مهمشة بامتياز، ولا أبحث هنا عن تنطع كقول أحدهم ذوي الهمم أو إصرار آخرون على ذوي الإعاقة، المهم بوجهة نظري ماذا فعلنا وماذا أنجزنا لهم؟ أن نضع الفعل محل القول، والان عزيزي القاري وعذرًا على الاطالة بعض الشيء فالموضوع ذوو شجون وألم، أود أن أسألك هل تعرف أحد الأشخاص من الإخوة ذوي الإعاقة استطاع أن يتفوق على اعاقته ويستقر بذاته ويؤسس أسرته وينجح كي يكون قدوة لغيره من ذوي الهمم؟، وهل سمعت أو عرفت تجربة ريادية استطاعت أن تدمج بعض الأخوة من ذوي الإعاقة في سوق العمل؟ هلا شاركتمونا تلكم القصص والتجارب لعلنا نرمي حجر في المياه الراكدة أو نحرك ساكنًا؟!