يوجد عدد كبير من المستهلكين يعتقدون أن نجاح المسوق أو البائع في إتمام الصفقة له صلة كبيرة بالخداع، والتلاعب بمزايا المنتج وتصويره على أنه لا مثيل له وأنه أفضل المتاح في السوق، وأنه مناسب للعميل تماما وكأنه صنع من أجله.

ولعل عدد كبير منا يعلم أن أدمغتنا تعمل وفق ما يسمى بالتحيز المعرفي، الذي اكتشفه عالم النفس بيرترام آر فورير، ووفق هذا التأثير فإن لأشخاص يعتقدون أن العبارات التي يقرؤها أو يسمعوها متطابقة معهم أكثر من الآخرين، على الرغم أن هذه العبارات عامة جدا ومن الممكن أنها تنطبق على أكثر من شخص. إن التحيز المعرفي يعمل على الرغم من أن المعلومات تتكون من عبارات غامضة يمكن أن تنطبق على أي شخص.

تشير الأبحاث إلى أنه يتم تصديق المعلومات الشخصية الزائفة بسهولة أكبر عندما تكون أكثر تحديدًا للمتلقي أو أنها تأتي من شخص في موقع سلطة أو مكانة. أي أننا مستعدون للوقوع في فخ التأثير المسبق،

على سبيل المثال: عندما ننقر على أحد اختبارات الشخصية الموجودة على النت، وبعد أن ننهي الاختبار نجد أن الإجابة مناسبة لنا تماما؟ أنت في هذه الحالة نكون متأثرين مثل الكثيرين بتأثير Forer. والذي يجعل الأمر سهلاً هو أننا نريد تصديقه.

وقد توالت الدراسات التي ركزت على تأثير فورير ، وكان أبرزها دراسة عالم النفس الشهير هايمان الذي شرح الأمر من خلال عدة خطوات حول كيفية القيام بذلك، وهي:

الخطوة الاولى، الثقة: وذلك لأن المكون الرئيسي لقراءة الشخصية بنجاح هو ثقتنا بأنفسنا.

ثم الإعداد: وهنا علينا الاستفادة بقدر الإمكان وبشكل مبتكر من أحدث الملخصات الإحصائية والاستطلاعات والمعلومات الموثقة.

ثم: تهيئة المكان للتأثير على العميل. ومن الأفضل استخدام وسيلة للتحايل. كأن نجعل أدائنا تمثيليا ونحن نخبر العميل أننا نخاف على مصلحته أو أن نخبره أن لدينا قدرًا محدودًا من الوقت لإقناعه.

والخطوة التالية أن نحصل على تعاون العميل مقدمًا عن طريق الاعتراف بتواضع مواهبنا وعدم تقديم مطالبات مبالغ فيها.

ويا حبذا لو حفظنا قائمة من عبارات التأثير على طرف اللسان لنستخدمها بذكاء وبشكل طبيعي.

أن نتعلم كيف نكون مستمعين جيدين. وعندما يتحمس العميل للحكي علينا أن نسمح له بالتحدث عن رغباته.

ثم نستخدم تقنية "الصيد". بأن نعيد صياغة ما قاله لنا في شكل متماسك ونعيده إليه.

وعلينا ايضا أن نعطى العميل دائمًا انطباعًا بأننا نعرف أكثر مما نقول. بمجرد إقناع العميل بأننا نعرف عنصرًا واحدًا من المعلومات عنه سيفترض العميل تلقائيًا أننا تعرف كل شيء.

وهناك خطوة مهمة أخرى هي أن نتملق العميل ولا نخف من الإطراء عليه كلما سنحت لنا الفرصة.

أخيرًا ، نتذكر القاعدة الذهبية: أخبر العميل بما يريد سماعه.

والان : من منا مستعد لاستخدام تأثير وأبحاث فورير وهايمان للتسويق لنفسه وفي مجال عمله؟

إن تأثير فورير ليس دجل وإيحاء بقدر ما هو علم نفس، ويمكننا الاستفادة منه في حياتنا العملية مثل كل أنواع العلوم ، ولا سيما إذا كان مجال عملنا وثيق الصلة بالتعامل مع الجمهور، مثل التسويق والمبيعات، لأن فهم طريقة تفكير العملاء بسبب التحيزات الراسخة يضعنا في وضع قوي للتأثير على اختياراته. والتسويق ما هو إلا التأثير على اختيارات المستهلكين وقراراتهم بشكل أخلاقي.

وللصدق فإن هناك الكثيرون الذين يعتبرون تأثير فورير بعيد عن الأخلاق وقريب من النصب والدجل، فهل توافقهم؟