عملت لفترة تدريبية معلم لمادة علم الاجتماع التربوي وعلى عكس المتداول عن معلمي علم الاجتماع في المدرسة بأنهم يحصدون الحصص الفارغة ولا يفعلون شيئا، كنت أستغل هذه الحصص في شرح الأساليب الفكرية للطلبة وأهمية علم الاجتماع في حياتنا وكيف نستفيد منه وكذا أنشر المعرفة بين الطلبة وأجعلهم في نقاش حقيقي يعبرون فيه عن أنفسهم لدرجة كان الطلاب يبحثون عني أو يطلبون من المدرسة أن تكون حصصي ثابتة في جدولهم وهذا لم يحدث بالطبع.

مما لاحظته أن المدرسة بشكل عام تهتم بتقديم المعلومة مجردة من طرف واحد وهو المعلم وعلى الطالب أن يستقبلها دون مراجعة ومناقشة بناءة. ومن ثم بعد المدرسة سيكون مكان الطالب في الجامعة حيث النقاش المفتوح الذي لم يعتده الطالب في سنين دراسته الأولى مما يجعل الطلاب يجدون صعوبة سواء في تطوير أنفسهم أو تقبل المواد التي يدرسونها بشكل عام.

ولكن هذا يجب أن يتوقف لأن نظم التعليم الجديدة تعتمد على التفكير، فالاختبارات التي توضع اليوم للطلبة من الصعب الإجابة عنها دون تفكير جيد، مؤخرا أعددت امتحانا لأحد أقاربي في الفلسفة فانتهى منه في 10 دقائق ولكن أغلب الإجابات كانت خطئ وبعد جلسات نقاشية أعددت له اختبارا آخر فاستغرق منه ساعة كاملة ولكن كانت الإجابات كلها صحيحة، ولما سألته لماذا استغرقت كل هذا الوقت هذه المرة أجابني بأنه فكر جيدا وحلل جميع الأسئلة قبل الإجابة عكس الاختبار الأول وهنا نرى أهمية التفكير والنقاش الذي من المفترض أن تكون المدرسة هي أساسه ولكنها لا تقدم هذا في أغلب الأحيان وقد تسلبنا هذه القدرة على التفكير وتضر بمستقبلنا ومستقبل الطلبة.