لأن المختلفين عنا دائماً ينظر اليهم على انهم متمردين ..ا
هل من المنصف مقارنة أطفالنا دائما بإنجازات الأخرين و كسر أجنحة اطفالنا فقط لأنهم لا يفكرون مثلنا او لا يتبعون منهاج غير موافق لما توارثناه نحن عن اجدادنا ؟؟
بكل تأكيد الإجابة لا. إن فكرة الاختلاف هي التي يجب أن تعتمد عليها المنظومة التعليميّة والتربويّة ككل. يجب أن نعلّم الأطفال أن يتعرّفوا على أنفسهم، ويتعرفّوا على العالم من خلال أنفسهم. بهذه الطريقة تكون لهم وجهة النظر الفرديّة المختلفة. وبهذه الطريقة تكون لهم وجهة النظر المناسبة التي يُعتمَد عليها فيما يخص الإبداع والاختلاف والأفكار الخلّاقة.
قد أمر بمواقف كثيرة أشبه بما سألتي عنه هنا كوني معلم. من فترة اشتكت لي إحدى الأمهات من كون ابنها الذي تصرف عليه الغالي و النفيس ولا تكاد ترفض له طلباً ثم لا يحقق هدفها. الحقيقة أني حاولت أن أفهمها أن الإبن في الصف الثالث الإعدادي وقد كبر فعليه أن يختار ما يهواه هو لا ما تهواه هي له. شرحت لها أن الإبن لم يأت للحياة لكي يحقق طموحتها هي و يكمل ما بدأته هي ولم تتمه. أفهمتها أن رغبته قد لا تكون في التعليم الجامعي وأنه ربما يحب أشياء أخرى. هي تريد له أن يكون وجيه في المجتمع له حيثية. أفهمتها أن ليس بالشهادة أو بالمهنة يسعد الإنسان. فقد يكون حذاء ويسعد بمهنته و يبدع فيها. هذا ما ألوم في الأمهات و الآباء.
هناك شق آخر لا ألوم فيه الآباء وهو الشق الإخلاقي. فهم يسعون جاهدين أن يقوموا من سلوك ابنائهم وهم محقون في ذلك. فالأبناء لا يعرفون مصلحتم كثيرا فيما يتعلق بالأخلاقيات و الإلتزام الديني و الإجتماعي وغيره. كل ما أقوله لهم هو الترفق بهم في عصر أشبه بالتمرد على كل شيئ.
يبدو أنّ أصدقائي علي وخالد لديهما رأي منفتح جداً بالنسبة للأبناء، يرون أنّ الأبناء يستطيعون ربما في الصغر أن يقوموا بانتخاب أفكارهم وطرقهم في الحياة بشكلٍ مُستقلٍ تماماً ودون أيّ فرضٍ منّا نحن الأباء يستطيعون أن يعيشوا بأفكارهم، لا حاجة لهم بأفكار آبائهم أو أجدادهم فلكلٍّ كلامه وأفكاره. أنا لا أعتقد ذلك، أنا في هذه المسألة بالذات أشعر بأنّ التنشئة يجب أن تكون صارمةً أوّل ثمانية سنوات و ربما عشرة، صارمة من حيث الأكل والشرب والمدرسة وما إلى ذلك من الأمور، ثُمّ بعد ذلك علينا أن نتدخّل في سلوكياتهم لكن علينا أن نُغربل أفكارهم ونساعدهم على غربلتها، هل أترك ابني مثلاً مُتأثّراً بأفكار أصدقائه الُصيّع؟ ألا يمكن أن يعود إليّ متأذّي بهذه الطريقة؟ يجب أن أسيطر على أفكاره في هذه المرحلة أيضاً، أن أمرر له صيغتنا في الحياة، على أنّهُ بمجرّد أن يدخل الجامعة أتركه، أتركه لمرّة واحدة وإلى الأبد، حيث أصبح برأيي رجلاً يُمكن الإعتمادُ عليه فعلاً.
أما بالنسبة للمقارنات فهذا أمرٍ مؤذي في كل مرحلة عمرية حتى للكبار، لذلك يجب علينا أن نتجنّب هذا الأمر دائماً.
في البداية لا يوجد أي مبرر عقلاني ولا منطقي يبرر أن يقارن الأطفال بأي أحد ولأي سبب من الأسباب. فالمقارنة تحمل للكبار الكثير من الأذى النفسي فكيف لطفل لا يزال في طور النمو النفسي؟ وهذا الأمر بشكل خاص إذ كانت المقارنة قائمة على اختلاف طريقة تفكير الطفل وتفرده برأيه، فهل نقمع الطفل فقط لأنه يفكر خارج الصندوق؟ هذا غير منصف إذ أننا يجب ككبار أن نشجع الطفل المميز الذي يفكر بطريقة مختلفة عن أترابه. وإن كان هناك خطأ أو خطب ما بها يمكن تصويب الخطا بطريقة لا تؤثر نفسيا على الطفل وبدون اعتماد أسلوب المقارنة الذي هو أفشل الأساليب وأكثرها إحباطا.
التعليقات