الخريجون والمهارات!!!

"الأميون الجامعيون"

في الفترة الأخيرة ظهرت بالفعل هذه الظواهر ومثل الكثير.. ماذا إستفدت من الجامعة؟ هل وجدت عمل بعده؟ وإذا لم تعرف شيء ما .. ألم تدرس في الجامعة؟

أعتقد أن هذه الأفكار انتشرت لأن التدريس ونظم التعليم من الأساس أصبحت تميل للنظري أكثر وغير مناسبة لسوق العمل، بمجرد أن أتذكر التعليم في فنلندا أرى اتساع مجال الخطأ بيننا وبينهم.. لأزيد تيقناً أن المشكلة بأكملها في أنظمة وطرق التعليم.

هل هذه هي حقا المهارات التي يحتاجها الخريجون اليوم بعيدا عن تلك المهارات التقليدية التي نعرفها كلنا؟؟؟!!

بعد أن أقّرت بعض الدول المتقدمة (كالولايات المتحدة الأمريكية) اعتمادها في التوظيف على المهارات لا الشهادات يتوقع أن تصبح المتطلبات أكثر ديناميكية، وبالفعل أصبح التواصل مثلا أهم بكثير من اتقان المهارات الأخرى.

إذا تقدم شخص لا يعرف كيف يوصل الفكرة بالطريقة الصحيحة لينتج بعدها سوء فهم بينكما أو بين الموظفين أو حتي متعصب في قراراته وآرائه هل ستوظفه (حتى لو كان متقن لعمله)؟ لا أعتقد

أصبح السوق يطلب هذا النوع من المهارات بكثرة فأهداف أصحاب المشاريع تطورت .. من تحقيق الربح فقط.. إلى تحقيق قيمة مضافة وميزة تنافسية.. وللوصول لهذا يجب الإهتمام الجوانب النفسية في بيئة العمل (وهنا قد ندخل أيضا للنظرية العلمية لفريديريك تايلور).

هناك مهارات كثيرة لابد للخريجين من الإلمام بها ، ولها فوائد عظيمة ليس فقط في مجال العمل ولكن في الحياة اليومية أيضا وفي القضايا الشخصية ولعل أهمها الاتصالات ومنها التواصل الشفهي والتواصل الكتابي أو البلاغة ومهارة الاستماع. ويتعلق الأمر بالوضوح والإيجاز والتركيز ؛ والقدرة على تكييف رسالتك للجمهور والاستماع إلى آراء الآخرين.

وهناك مهارة العمل الجماعي: وهي تتطلب القدرة على الإدارة والتفويض للآخرين وتحمل المسؤولية. ويتعلق الأمر ببناء علاقات إيجابية تساعد الجميع على تحقيق الأهداف الشخصية وأهداف العمل.

وهناك مهارة هامة ايضا وهي مهارة حل المشكلات: وتحتاج إلى إظهار القدرة على اتباع نهج منطقي وتحليلي لحل المشكلات ومن الجيد أيضًا إظهار أنه يمكنك التعامل مع المشكلات من زوايا مختلفة.

ومهارة التنظيم وإنك كانت للوهلة الاولى تبدو سهلة ، إلا أنها ليست كذلك بشكل تام فهي تتعلق بإظهار أنه يمكنك تحديد الأولويات والعمل بكفاءة وإنتاجية وإدارة وقتك بشكل جيد. من الجيد أيضًا أن تكون قادرًا على أن تُظهر لأصحاب العمل كيف تقرر ما هو المهم الذي يجب التركيز عليه وإنجازه ، وكيف تتعامل مع المواعيد النهائية.

كما فهمت، فإن مصطلح الأميون الجامعيون يعني جاهل من الناحية الثقافية. لن أقلل من أهمية هذا المصطلح بل هم كثيرون للأسف! كثيرًا ما صادفت أشخاص من حملة شهادات محترمة وآخرين طلاب علاماتهم مرتفعة، لكن تفوّقهم لا يتعدى دفّتي الكتاب والمنهاج الذي يدرسونه! حتى أن بعضهم كان سيء الخلق والحديث على عكس النظرة التي أنظرها للمتعلمين بأنهم أصحاب خلق وثقافة قبل علم!

المشكلة أن التثقيف الذاتي أصبح سهلًا هذه الأيام بسبب أن التكنولوجيا التي أصبحت متاحة بكثرة وتوفر لنا إجابات على كل التساؤلات التي تخطر على بالنا.

ما المشكلة في أن يقوم شخص يجد في نفسه ضعفُا من الناحية الثقافية بالاطلاع على مواضيع تخص التنمية البشرية والثقافة العامة ووضع البلد الذي يعيش فيه وأهم المستجدات التي تحصل في العالم.

على سبيل المثال، ما حدث معي منذ يومين فقط، كنت في مجموعة على الفيسبوك تضم صديقات ومعارف وجاء الحديث على الانتخابات الأمريكية. بمجرد أن بدأ الحديث عن ذلك وجدت نفسي أكتب وأعبر عن رأيي ومن يُمكن أن ينجح وما هو الاقتراع بالبريد الذي سيسحم النتيجة بل وقد يقلبها ويُغاير التوقعات، حتى وجدت علامات استفهام تملأ الشاشة وقاموا بتغيير الموضوع على الفور لأنه خارج اهتماماتهن!

هنا شعرت أنني لا أنتمي إلى هذه الفئة من السيدات اللاتي يجدن المتعة في الحديث عن ما ارتدته أخت زوجها في آخر مناسبة، وكيف بدا بشعًا على جسدها الممتلئ! أو أنها قررت أن تكون اليوم "سترونج إندبندنت وومن" ولن تطبخ بل ستجعل زوجها يُحضر وجبة من المطعم! جميعهن جامعيات ويحملن شهادات تتباين بين هندسة الحاسوب إلى تكنولوجيا المعلومات وتعليم اللغة العربية والعلوم! فأين الثقافة في ذلك؟

الشهادة الجامعية لا تمنحك عملًا دائمًا، وإن منحتك فلن تبرع سوى في أداء المهام الروتينية المنوطة بطبيعة العمل، أما تكوين العلاقات والتقرب من المدير وإثبات الجدارة جميعها تُكتسب بمهارات أخرى كمهارات المحادثة والثقافة العامة الواسعة وآداب الاستماع وغير ذلك! ولا أعتقد أن تنمية هذه المهارات أصعب من الحصول على شهادة جامعية!

هناك مهارات أساسية يجب على الخريج تعلمها بالإضافة إلى مجال تخصصه لا شك في ذلك.

المشكلة أنك تجد الآن أيضًا مَن يكون مجال عملهم واسع جدًا ولكنهم مختصون في جزء معين في هذا المجال، وإذا سألتهم عن جزء آخر في نفس مجال عملهم لن تجد عندهم ولو معلومة أو فكرة سريعة!

للأسف البعض يظن أن مهاراته تُقاس بمدى احترافيته بالجزء الخاص بعمله فقط، فلا يحاول حتى تثقيف نفسه في المجالات الأخرى، ولا يعلم أن مدى ثقافة الخريج ومعرفته ولو نبذة عن كل مجال شيء يُحسب له ونقطة إيجابية جدًا ستساعده فيما بعد.

هناك قاعدة أؤمن بها جدًا تقول: "تعلّم شيء عن كل شيء، وتعلم كل شيء عن شيء".

فيجب أن يكون لديك ولو فكرة بسيطة عن كل المجالات، ولكن هناك مجال واحد (مجال عملك أو دراستك) تعلم عنه كل شيء وليس فكرة بسيطة فقط.

مصطلح الأميون الجامعيون ليس حديثا، وللأسف هذا يحدث فجوة بين الأجيال، فكل جيل يكتفي بأنه التحق بعمل ويمارسه وفقط، ماذا يدور حوله، ما هو الجديد لا يعلم، ما هي المهارات التي يجب أن يطور بها نفسه أيضا لا يعلم، مكتف إكتفاء ذاتي بهذه الأمور. فيصبح جاهلا بما يحدث ويصبح مهاراته حتى لا تتناسب مع متطلبات السوق الحالي.

أيضا الموضوع لا يقتصر على موضوع المهارات فقط لكي أتخطى هذا المصطلح، فبرأيي على الشخص أن يكون لديه خلفية عن كل شيء، ولا يقتصر على مجال معين، ينمي ثقافته بكل مجال عن طريق القراءة والمطالعة، فلا يعقل أن نكون في 2020 وهناك من لا يعلم عن العمل الحر مثلا أو العمل عن بعد، ولكن للأسف موجود هذه الفئة وبكثرة.

والأسباب عديدة منها الروتين المتبع بالشركات، وحتى بالمصالح الحكومية وحتى بنظام الترقيات تكون بالأقدمية ليست بسبب من هو أكفأ أو لديه مهارات أكثر، ربما الوضع مختلف قليلا بالشركات الخاصة.

الوضع الاقتصادي له عامل كبير، تعلم أن تعلم مهارات جديدة من مصادر ذات ثقة تحتاج للمال، والأغلبية يعيش ضمن قوت يومه أو حتى قوت شهره.

أيضا غباء بعض الشركات وهو طلب شهادات بعينها، فمثلا لدي زميلة أجريت مقابلة عمل وصاحب الشركة أشاد بخبرتها وكفائتها ولكنه رفض تعينها لأنها لم تحصل على الشهادة بذاتها.

للأسف الأميون الجامعيون ينتشرون بشكل كبير وربما نحن من ضمنهم .

سأتحدث هنا من جانبين ، الجانب الأول : هو أن هناك أشخاصًا يتخرجون من تخصصهم ولكنهم في نفس الوقت قد يفتقدون إلى مهارات كثيرة في هذا التخصص ، ربما هذا يرجع إلى طرق التدريس في الجامعة أو النظام الذي تتبعه الجامعة في تدريسها نتيجة إعطاء أهمية كبيرة للاسلوب النظري وإهمال الاسلوب العملي ، مما يؤدي هذا جهل في التخصص وقد نفشل في الإلتحاق ب سوق العمل .

الجانب الأخر ، هو أن أكون ناجحة في تخصص وأمتلك مهارات مبيرة في هذا التخصص ، ولكن قد أكون أمية في بعض الأشياء الأخرى

لا أقصد أن أكون قد تخرجت من مجال الهندسة ولكنني جاهلة في مجال الطب ، بالطبع هذا لا أعنيه .

ولكن ما أقصده أن أكون جاهلة في مجالات تختص بثقافة الدولة أو في اشياء لابد من معرفتها ، فمثلًا ؛ أذكر أن هناك زميلة لي نجحت في إجتياز إختبار التوظيف ولكنها فشلت في المقابلة ، نظرًا لأن هناك لم تقدم إجابة حول سؤال ثقافي ويختص في الدولة التي أعيشها بمعني أنه قد يكون معلومة عامة .