إذا أساء إليك شخص ما في دائرة علاقاتك، وقررت مسامحته، وتكررت الإهانات مرة بعد مرة، في وقت ما ستكره عجزك وخنوعك وسترغب في إيقافه عند حده لمنع تكرار الإساءة، فتقرر الانتقام منه. لكن هل انتقامك منه يريحك؟ لنفترض شخص أهانك مثلا أو تعمد الإضرار بك في عملك أو شتمك أو أيا كان ورددت عليه إهانته، أو تسببت في ضرر له في عمله أو شتمته، هل معاملته بنفس طريقته ستريحك؟ اكتشفت أن الانتقام يحفز الآخر على استفزازك مرات ومرات، ويخلق سلسلة معارك تستهلك قواك وسلامك النفسي، تكون أنت فيها الجاني، والآخر؟ البادي، الأظلم؟ هو الضحية! اكتشفت أن الانتقام يعطي شعور لحظي بالسعادة ونشوة الانتصار، لكنه شعور لا يدوم. لأنك ستتحول مع الوقت إلى هذا الشخص الذي تكره سلوكه، فتكره نفسك. ستكره نفسك في الحالتين، سواء فضلت المسامحة أو قررت الانتقام. والعمل؟
هل الانتقام مريح؟
انتقم منه، لكن لا تقتله فقط، ثم اذهب اليه لاحقا وعانقه واطلب المسامحة، سيصبح أفضل صديق لك وستحبان بعضكما البعض ناهيك عن شعور الإرتياح الذي تسأل عنه.
إذا لم تحصل على تعويض عادل من الشخص الذي أساء إليك مثلا من خلال محاكمة عادلة أو إعتذار ستظل مشاعر الغبن و الرغبة في الإنتقام كامنة مهما حاولت أن تتسامح .لذلك من الأحسن محاولة الحصول على مثل هذا التعويض حتى ولو كان بصفة وهمية مثل رفع قضية قد تعتبر خاسرة ،التبليغ،إخبار الأهل...
عدى ذلك محاولة التصالح مع الذات و النسيان رغم ما قد يصحبه من حزن .في ديننا يحثنا على مواجهة الإسائة بإحسان كنوع من رد الفعل .كذلك العفو عند المقدرة وذلك يتم مثلا بعد رفع الدعوى القضائية ثم تقوم بإسقاط الحق الشخصي و قد يبقى الحق العام ،لكن تشعر بنوع من الراحة و السلام الداخلي.
أنا ممن يناصرون قضايا القصاص من الجلادين و إعدام من قتل نفسا عمدا و بعد ذلك يترك الأمر لأهل الضحية لكي يسامحوا ويعفوا ،كذلك في قضايا التحرش و الإعتداء المنزلي أشجع على القصاص من المعتدين .
عدا ذلك على المرء أن يحاول تجنب الشخص الذي آذاه حتى لا يزيد في جراحه النفسية .
ما قصدته هو الرد في المواقف التي تقابلنا في الحياة اليومية، المكائد والمشاحنات التي لا تنتهي. وليست القضايا الكبرى التي تصل إلى المحاكم.
لكن هذا لا يمنع أنني أحترم تعليقك بشدة فيما يخص حتمية القصاص العادل الذي لم نعد نراه في أغلب القضايا، لأني رأيت مؤخرا حالات عدة يرفض فيها أهل المعتدي في قضايا التحرش والاعتداء وما شابه، تسليمه إلى القضاء قائلين "سنربيهم نحن بطريقتنا"، لماذا لم تقوموا بذلك قبل وقوع الجريمة من الأساس؟
التعليقات