أنا الذي تعلمته أن الحياد المطلق غير موجود
فهل تستطيع عدم الإنحياز لشيء؟
مثلا دينك، قومك، عشيرتك، أهلك
فأنت جزء من كل هؤلاء أم تقطع نفسك ولست منهم في شيء
ومن قال اصلاً ان الحياد في كل شيء حتى تصل "الحياد المطلق" امر ايجابي وصحيح !
الحياد المطلق يعني انك بلا شخصية, بلا رأي, بلا هدف, بلا وعي, بلا حياة, بلا وجود, فقط هائم لا انت في الارض ولا انت في السماء, امامك طريقين تقف تضيع وقتك لا تأخذ لا اليمين ولا اليسار.
بالطبع هنالك بعض الجزئيات تحتاج الحياد فيها, ولكن الشيء الاساسي تحتاج لوقوفك بجانب ما حتماً, ليكون لك شخصية ورأي, كالدين مثلاً.
ما نريده هو الانصاف المطلق, وليس الحياد, للاسف الناس تخلط بين الحياد والانصاف, أو تظن ان المحايد منصف, ولكن هذا غير صحيح, لربما اكون مثلاً معتز وافتخر بجزئية معينة في حياتي لكن هذا لا يتناقض ان اقول ما لي وما علي, اما ان تبقى هائم لا انت مفتخر بهذه الجزئية ولا انت ساخط !؟
مثلاً انا افتخر بكوني ولدت عربياً ومسلم في مجتمع محافظ, لكن اقر بأن المجتمع المتهدم الفاحش الكافر في الغرب, لديه قيم ايجابية اكثر من مجتمعي "المحافظ" كالصدق, وكالحرص على التعليم, كوجود هدف للحياة وتعاون وتنظيم, بينما بمجتمعنا تجد الكذب وتضييع الاوقات, لا يوجد هدف لمعظم الشباب, المادة العلمية فقيرة كحال دولنا وان بدا العكس, طبعاً انا اتكلم كمثال ومثال عام لا يخلوا من استثناءات.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
فلا يمنع ان اكون منحاز لطرف, ان اكون منصف واقر بما لدي من خلل بالعكس هذا افضل من التكتم والتعصب الاعمى, فمن غير معرفة مرضي والاطلاع على تجارب الغير لن اعالج مرضي, بهذا اكون جعلت من الخلل الذي اقررته فائدة تعود للطرف الذي انحاز له بعلاج هذا الخلل.
قضية الحياد ولا دخل لي، دخيلة على مجتمعاتنا، وهي أغلب الظن بسبب التركيز على الجانب المادي وراحة الانسان وعدم الاهتمام بمن حوله
المسلم يجب أن يقول كلمة الحق دائما، سواء على أبوه او عشيرته أو من يحب
إن كان لا يفقه في موضوع ما، فلا بأس أن يقول لي علم لي، اما اذا كان لديه علم، فعليه ان يقف مع الحق
وتصور لو أن كل انسان قال الحق ووقف معه ، لكانت امورنا غير
انت ترى شخص يظلم أمامك، فتقول لي دخل لي انا على الحياد
تصور لو انك نصرته، لتغيرت الأمور
وهكذا
الحياد المطلق موجود فقط في الالات , فالحياد عند الانسان هو الرقص مجرد على الحد الفاصل
الانسان متحيز بسبب مشاعرة , تعليمه , الخ
و انا احاول ان اقترب الى الحياد اكثر ما امكن , لان الحياد هو العدل بالنسبة لي
فأني على حياد في اغلب الامور و ذلك سبب مشاكل لي لانني افعل ما فعله الرسول عندما اتاه يهودي و مسلم ليحل المشكلة بينهما و الرسول (ص) حكم بالعدل ان اليهودي على حق
انا احيانا عندما اطبق الحياد المطلق (تقريبا) اشعر انني اقق على تل مراقب للاحداث دون ان اكون طرفا في ايهما
و لكن بنفس الوقت انني اعرف في بعض الامور التحيز لازم و ضروري
ليس الحياد هو العدل إنما هو عدم التدخل
العدل أن تدخل مع صاحب الحق وتنصره على ظالمه
الحياد أن لا تتدخل بكل بساطة وترى أن الأمر لا يعنيك
وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو العدل لا الحياد
فهو لم يدع المسلم يظلم اليهودي
ويقول هو يهودي والأمر لا يعنيني
انا بالنسبة لي العدل هو الحياد و لكن الحياد لا بعني ان لا تفعل شيء
مثلا القاضي يحب ان يكون على حياد و لا يبرء المتهم لمجرد فقط انه من مذهبة , عائلته , دينه , جنسيتك , جنسك او اي من الاسباب الاخرى
لا اعتقد ان الانسان يجب ان يكون حياديا اصلا الا ان كان قاضيا او اعلاميا .. فالاول يجب ان يحكم بالعدل و ان كان قلبه ينحاز لأحد اطراف القضية و الثاني يجب ان ينقل الحقيقة كما هي مهما كان يرغب في ان يتفوق طرف على الاخر ..ربما المعلم ايضا يجب ان يكون حياديا في توصيل العلم لطلابه فلا يحشو عقولهم بأفكاره الخاصة و انما يشجعهم على البحث و النقد البناء .. اما غير ذلك فليس صحيحا ان تكون حياديا !! و رغم ذلك يجب ان تكون منصفا .. فالانصاف مهم لمصلحتك انت الشخصية .. لكن الحياد .. لا اظنه صحيا ..
التعليقات