تابعت أمس الأخبار الأولى لحادث إطلاق النار العشوائي على المواطنين في جاكسون فيل – فلوريدا. كانت الأخبار التي وصلتني بعد في اللحظات الأولى، ولم يتم تحديد عدد القتلى أو المصابين. هذا الصباح علمت أن القتلى 4 أفراد والمصابين 11 فرد. وبالطبع أأسف على كل روح بريئة فُقِدَت في هذا الحادث، وقد عايننا نفس الأمر في قتلى استاد بورسعيد.

ما أثارني بالأمس هو تعليق مراسل القناة – لن أذكر اسمها – على توقعاته ناحية الحادث، فيقول نصًا: وحتى الآن لا ندري ما هي ملابسات أو دوافع الحادث، وما إذا كانت إجرامية أم إرهابية.

هنا وقفة:

ما الفارق بين إجرامي وإرهابي؟

بالنسبة لي كشخص عادي يفكر بشكل منطقي، لا أرى أي فارق بين الاثنين. الإجرام هو الإرهاب، والإرهاب هو الإجرام. ولكن مراسل القناة المحترمة يرغب في وضع الأمر داخل نطاق التمييز العنصري، وأنه إذا كان بالحادث شخص ملتح يدّعي أنه مسلم يرغب في تطبيق شرع الله بالقوة، فهو بالتأكيد حادث إرهابي. أما إذا كان الذي قام بالأمر شخص عادي سواء أكان مختلاً أم معارضًا سياسيًا أم يفعل هذا بقصد إعلان اعتراضه بشكل عنيف، فهو في هذه الحالة حادث إجرامي (عادي).

حقيقة، هذا الأمر يثير غيظي.

حينما يتحدث الغرب عن حادث مثل الاعتداء على صحيفة شارل إيبدو فهو يستخدم لغة (الإرهاب الإسلامي)، ويقوم العالم ويقف وقفة متكاتفة فيها الأيدي، ويجتمع رؤساء العالم في وقفة تضامنية، ومسيرة سلمية أمام الإرهاب الذي سيدمر العالم ويفني البشرية. هذا أمر طبيعي حينما يتحدث الغرب عن الإسلام. بغض النظر عن العنصرية الواضحة في مثل هذا الخطاب، فهو لا يتعامل مع الأمر بنفس المنظور حينما يحدث نفس الأمر من مواطن في الدولة، ويقتل إخوانه المدنيين بدون وازع من ضمير أو إنسانية.

ولكن أن يتحدث لسان عربي بنفس اللغة ويتعامل مع الأمر بشكل غربي (بحت) ويبدأ في تصنيف الحادث، وما إذا كان (إجراميًا) أم (إرهابيًا)، فهذا تراجع كبير في الفكر والمفهوم.

الإرهاب هو الإرهاب أيًا من كان منفذه .. والإجرام هو الإجرام أيًا من كان منفذه ..

هذه الإشارات أصبحت سخيفة للغاية، وينبغي على الإعلام إدراك هذه الحقيقة ونبذ التمييز العنصري في خطابه العام.