توأمان قابعان في الرحم، دار بينهما الحديث التالي:

  • قل لي، هل تؤمن بالحياة بعد الولادة؟

  • طبعًا، فبعد الولادة تأتي الحياة... ولعلنا هنا استعدادًا لما بعد الولادة...

  • هل فقدتَ صوابك؟! بعد الولادة ليس ثمة شيء! لم يعد أحد من هناك ليكلمنا عما جرى عليه! ثم هَبْ أن هناك حياة، ماذا عساها تشبه؟

  • لا أدري بالضبط، لكني أحدس أن هناك أضواءً في كل مكان... ربما نمشي على أقدامنا هناك، ونأكل بأفواهنا...

  • ما أحمقك! المشي غير ممكن بهاتين الساقين الرخوتين! وكيف لنا أن نأكل بهذا الفم المضحك؟! ألا ترى الحبل السُّري؟ فكر في الأمر هنيهة: الحياة ما بعد الولادة غير ممكنة لأن الحبل أقصر من أن يسمح بها.

  • صحيح، لكني أحسب أن هناك شيئًا ما، إنما مختلف عما نسمِّيه الحياة داخل الرحم.

  • أنت أحمق فعلاً! الولادة نهاية الحياة... بعدها ينتهي كل شيء.

  • على رسلك... لا أدري بالضبط ماذا سيحدث، لكن الأمَّ ستساعدنا...

  • الأم؟! وهل تؤمن بالأمِّ أيضًا؟!

  • أجل.

  • لستَ أحمق فقط، أنت معتوه! هل سبق لكَ أن رأيتَ الأمَّ في أي مكان؟ هل سبق لأحد أن رآها؟!

  • لا أدري، لكنها تحيط بنا من كل صوب. نحن نحيا في باطنها، والأكيد أننا موجودان بفضل منها.

  • دعك من هذه الترهات، ولا تصدع رأسي بها! لن أؤمن بالأمِّ إلا إذا رأيتُها رأي العين!

  • ليس بمقدورك أن تراها، لكنك إذا صمتَّ وأرهفت السمع، تستطيع أن تسمع أغنيتها، تستطيع أن تشعر بمحبتها... إذا صمتَّ وأرهفت السمع، لا بدَّ أن تدغدغ رحمتُها قلبَك .


هذا النص ترجمه الكاتب اليوناني السوري "ديمتري افيريينوس Dimitri Avghérinos " عن نص يوناني لكاتب مجهول مضيفا إليه لماساته الابداعية ...