منذ قديم الزمان، يسعى البعض إلى استغلال أخطاء الآخرين _ سواء كانت نتيجة زلل أو جهل _ ليجعلوها ذريعة لثنيهم عن مبادئهم، أو مبررًا للسيطرة عليهم، ويشوهون أجمل مافي حاضرهم، بزلة وقعت في ماضيهم.

يذكّرون الآخرين بماضيهم ليُفسدوا خير حاضرهم ويعطّلوا أثره، ويجعلون هذه الأخطاء سلّمًا لهم للتكبر وإنكار الحق ورفض الحقيقة.

من قصة موسى مع فرعون

قال تعالى عن موسى عليه السلام في خطابه لفرعون: "فعلتُها إذًا وأنا من الضالين"، أي قتلتُ تلك النفس قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتلها عليّ.

والعرب تضع الضلال موضع الجهل، والجهل موضع الضلال، فتقول: "قد جهل فلان الطريق وضل الطريق"، بمعنى واحد.

وذلك بعد قوله تعالى عن فرعون في خطابه لموسى

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ

قالها فرعون لموسى ليثنيه عن رسالته النبيلة، وليُبعده عن النور ويقنعه بالظلام، ليخضعه لهواه وكبريائه وغروره، وليظهر للناس أنه خير من موسى، وليشوّه الحق ويجمّل لهم حالهم وماهم عليه من الباطل.

وما كان من موسى إلا أن اعترف بخطئه ليظهر الحق لا ليرضي فرعون، ويعلم الناس طريق التوبة لله لا طريق الخضوع للناس، ولم يذل لفرعون ولم يخضع.

واليوم نسمع بعضاً من القصص التي يُسلب فيها الناس إرادتهم، ويُستعبدون ويُهانون،بسبب زلل أو خطأ حصل معهم، خوفاً من الناس لا خوفاً من الله.

أفليس الطريق إلى الله أقرب، والرجوع إليه أشرف وأعز؟

وهنا يبرز السؤال: ما دور الثقافات القانونية والجهات القضائية في حفظ كرامة الناس وحمايتهم من استغلال أخطائهم، وتحقيق العدالة، ومنع الظلم؟