ربما نعتقد أن قلة فرص العمل هي ظاهرة جديدة لكن من بداية التسعينات سطر أنيس منصور في كتابه "مذكرات شاب غاضب" قصص عن حال الشباب الجامعي وقلة الوظائف.

تخرج الشاب الجامعي وعمل بأكثر من وظيفة عانى فيهم الذل والفاقة، وعرف أن بيع ورنيش الأحذية يعود بمكاسب جيّدة، واضطر أن يعمل من المنزل ليوفر نفقات الإيجار.

وظهر الوجه الآخر لهذه المهنة في المكاسب ضئيلة، والتجار الذين يحبون الفصال والمناهدة، وبعضهم يأتي ليشتري في غيابه ويفاصلون ويشترون مع والدته وأخوته ويغالطونهم في الحساب ويسرقونهم، وبكت والدته على حظ ابنها العاثر، فقرر الشاب ان يتوقف عن العمل في تجارة الورنيش.

ورغم توقفه كانت قريبات والدته يقلن لها وسط التجمعات: من يوم ما ابنك توقف عن بيع الورنيش وجزمنا جربانة!! بهدف إذلالها أو لقسوة وبلادة في نفوسهن..

هناك مقولات مفرطة في المثالية في المجتمع منها: أن كل العمل شريف، ولو بحثنا عن معنى شريف في المعاجم سنجد مرادفها: عالي المنزلة وسامي المكانة.

لكن في الواقع لا يكون كل عمل "شريف" لكل شخص، فالمجتمع لا يرحم أحد، لا يرحم من يعمل بمهنة لا تليق به، ولا يرحم عاطل.