لماذا يتولى المناصب من يبدو واثقًا، وليس صاحب العلم والخبرة؟

أنا أرى هذا فى المكان الحالى الذى أعمل به شخص مستغرق جداً وشاطر جداً تقنياً ولكنه فى نفس الوقت ضعيف الشخصية، على الجانب لأخر شخص أخر ليس تقنياً شاطر لكنه له علاقات وواثق بنفسه أكثر بالنسبة لى ليس واثق لكنه يبدو واثق بنفسه أكثر أمام أصحاب العمل فقدموه على الأول الذى هوا الأشطر وفقط لأن إسمه يتردد كثيراً وعليه تركيز أكثر.

إنظر جورج أى شخص يتمنى أن يكون من أمامه أو من يتعامل معه ليدر وقائد ويمكن الإعتماد والثقة عليه المرأة تتمنى لو أن زوجها كذلك وصاحب العمل يتمنى لو أن من يعمل لديه ليدر وواثق من نفسه وكذلك أى أحد لو رأى شخصين واحد متردد والأخر واثق سيفضل الواثق على المتردد لأنهم يرون فيه تحمل المسؤلية بعكس المتردد الذى قد لايتحمل ولو جزء بسيط من المسؤلية.

ومن وجهة نظر أخرى التعامل مع الناس يتطلب شخص واثق من نفسه لذلك لنركز جميعاً على مهارات ال Evergreen skills وهى مهارات فى اى زمان ومكان نافعة ومفيدة شخصياً مثل التواصل والتحدث وال Soft skills بشكل عام.

برأيي المناصب العليا بحاجة لثقة أكثر من الخبرة، مدير العمل مثلا بحاجة لمهارات ضبط النفس والقدرة العالية على التوازن والانضباط وعدم الانهيار أمام أي مشكلة أو موقف ضاغط أي أن لا ينهار وأن يعرف متى وأين يوجه.

قد تجد قولي غريب، لكن مؤكد أن معه أصحاب خبرة ومعرفة، لذلك أقول أصحاب الثقة يمكن أن يكتسبوا المعرفة ويقيموا بها لكن العكس ليس صحيح أو ممكن

غالبًا ما نُفاضل بين الأشخاص بناءً على ما نراه لا ما نعرفه عنهم، والثقة في النفس تُقرأ كعلامة جاهزية وقدرة، حتى إن لم تكن مبنية على معرفة حقيقية. تخيل شخص ذهب لمقابلة عمل، لا يملك الخبرة الكافية، لكنه استعدّ جيدًا للمقابلة، قرأ عن الشركة، وتدرّب على الإجابات المتوقعة فتكلّم بثقة وأظهر سيطرة على الموقف، مع أنه لا يملك خبرة حقيقية فيتم قبوله... وفي المقابل، تجد شخص أكثر علماً منه، لكنه بدا متردداً، يفكر قبل أن يجيب، ويتحدّث بحذر... فغالباً لن يترك نفس الانطباع الأول. الثقة تلمع، والعلم إن لم يقدم بطريقة قوية قد لا يُلاحظ. ولهذا كثيرًا ما يفوز بالفرص من يتقن عرض نفسه، لا من يملك المحتوى فحسب. المشكلة ليست فقط في من نختار، بل في كيف نقيس الكفاءة من الأساس.

أعتقد أن السبب في تفضيل الأشخاص الواثقين بأنفسهم عند اختيارهم للمناصب يرجع إلى طبيعة البشر أنفسهم لأننا كبشر بطبعنا نميل إلى الشعور بالارتياح تجاه من يبدو عليهم الاطمئنان والثقة لأن الثقة تُشعر الآخرين بالأمان والقدرة على اتخاذ القرار حتى لو لم يكن صاحبها الأكثر كفاءة في المقابل الشخص المتردد أو قليل الثقة بنفسه قد يُعطي انطباعًا بأنه غير قادر على تحمل المسؤولية أو مواجهة الضغوط وهذا للأسف يجعل الكثير من الناس يتجاهلون الكفاءة الحقيقية ويميلون للحكم السريع من خلال المظاهر أعتقد أن الحل يكمن في خلق وعي أكبر بقيمة الجمع بين الكفاءة والثقة معًا وأن الثقة وحدها دون كفاءة قد تنجح في البداية لكنها لا تصنع النجاح الحقيقي ولا تدوم

باختصار، السبب الرئيسي هو أن الثقة في النفس تُترجم تلقائيًا إلى قدرة على القيادة واتخاذ القرار، وهو ما يحتاجه أي منصب مسؤول. الإنسان بطبعه يبحث عن علامات الأمان والقدرة في الآخرين، خاصة في المواقف التي تتطلب توجيه وتحمل مسؤولية. الثقة الواضحة تعطي انطباعًا بأن هذا الشخص مستعد للتحديات وقادر على مواجهة الصعاب، حتى لو كان فعليًا ليس الأكثر خبرة أو معرفة.

هناك عوامل تفسر هذا الميل:

1. الحاجة إلى الاستقرار واليقين: عند تعيين شخص في منصب، يريد الناس أن يشعروا بأنه “يعرف ما يفعل”، والثقة تبدو كدليل على ذلك، أما التردد أو الشكوك فيُفسر غالبًا كضعف أو عدم جاهزية.
2. الانطباع الأول وسرعة الحكم: كثيرًا ما يُتخذ القرار بناءً على الانطباع السطحي، والثقة في النفس تعزز الانطباع الإيجابي أكثر من الموهبة أو المعرفة التي قد لا تظهر سريعًا.
3. ثقافة التمثيل والظهور: كما ذكرت، بعض الثقافات تعطي وزنًا أكبر لـ “تلميع النفس” والظهور بمظهر القوي الواثق، حتى لو كان ذلك على حساب الكفاءة الحقيقية.
4. تحيز دانينغ-كروجر: الأشخاص الأقل خبرة يميلون للمبالغة في ثقتهم، وهذا يجعلهم أكثر جرأة في التقدم والظهور، بينما أصحاب الخبرة والمهارة قد يعانون من الشك في أنفسهم، وهو ما قد يجعلهم أقل ظهورًا أو تأثيرًا في المواقف الاجتماعية.
5. القيادة ليست فقط معرفة: في بعض الأحيان، القيادة تعني القدرة على الإقناع وتحفيز الفريق، وهنا الثقة في النفس تلعب دورًا أكبر من المعرفة التقنية فقط.
6. الخوف من الفشل: في المواقف الحاسمة، يفضل الناس أن يختاروا من يبدو واثقًا حتى لو كان على خطأ، لأن التردد والشكوك تسبب توترًا وعدم استقرار.

لذلك، في النهاية، نميل للثقة بمن يظهر علامات الثقة لأنه يعطينا ضمانًا نفسيًا بأن الأمور تحت السيطرة، حتى وإن كانت الحقيقة خلف الكواليس مختلفة

هناك فرق بين:

الثقة الواقعية المبنية على الخبرة والمعرفة.

الثقة الزائفة (Overconfidence) التي قد تقود إلى قرارات كارثية (مثل أخطاء المديرين المتعجرفين).

في بعض الثقافات (مثل اليابان أو السويد)، يُفضل القادة المتواضعون الذين يظهرون ترددًا حذرًا، لأنه يعكس تفكيرًا عميقًا. لكن الغالبية العالمية لا تزال تحتفي بالثقة الظاهرية كمعيار للقيادة.

نفضل الشخص الواثق لأنه يخدع أدمغتنا ليبدو "أصلح" للمنصب، لكن الأذكياء اجتماعيًا يعرفون أن التردد أحيانًا قد يكون علامة على الحكمة، لا الضعف.