لماذا أغلبنا يفكر ويخطط وينوي أكثر مما يعمل ويحقق وينجز ؟

أعتقد أن المشكلة ليست في أهمية التفكير، بل في اعتقادنا أن الفعل يأتي فقط بعد نهاية التفكير، بينما المفترض أن الفعل جزء من التفكير نفسه.

فكر وأنت تعمل، صحّح المسار وأنت تسير، جرب وأنت تبني. العمل ليس المرحلة التالية للتخطيط بل هو امتداده الطبيعي. أما الاستغراق في التخطيط إلى درجة تجميد التنفيذ، فهو يجعلنا نبدو حكماء لكن دون أثر.

وما الفائدة من حكمة بلا نتائج؟

في رأيي، المشكلة لا تكمن في كثرة التفكير بحدّ ذاتها، بل في كوننا نفكر خارج سياق التنفيذ، وكأن التفكير مرحلة مستقلة تمامًا عن العمل. في كثير من الأحيان، نخطط ونعيد ترتيب الأمور وكأننا ننتظر اللحظة المثالية التي لا تأتي، فنتحول إلى "مديري مشروع" أكثر منّا منفّذين. وغالبًا ما نُفرط في التخطيط لأن الإنجاز يجعلنا نواجه النتيجة، وتلك النتيجة قد لا تكون على مستوى التوقّع أو الخطة، فنفضّل البقاء في منطقة التفكير حيث السيطرة الكاملة. ما بدأت أطبّقه مؤخرًا هو مبدأ التنفيذ أولًا، ثم التحسين لاحقًا، حتى لو كانت الخطوات بسيطة أو النتيجة غير مكتملة. فالحركة الفعلية تُعدّل طريقة التفكير، لا العكس.

ولكن أليس هذا الطبيعي؟ أغلب البشر حذرين لأن طبيعة العقل البشري مبرمج على الحذر لحماية الإنسان وتفادي المخاطر، ولهذا تستغرق عمليات التفكير والتخطيط وقت أطول ليستطيع الإنسان أن يفاضل بين الخيارات الأنسب والأقل احتمالا في الخطأ أو التأثير السلبي، ونتيجة لذلك يتم استبعاد أو تأجيل كثير من القرارات فتكون المحصلة تفكير أكثر وأفعال أقل. وطالما في حالتك هي تقودك للقرار الصائب فلا مشكلة إذا.

بصراحة هذا السؤال مسّ نقطة حساسة جدًا أظن أن السبب في ذلك أحيانًا هو الخوف من الخطأ أو الرغبة في الكمال فنظل نفكر ونعدّل ونخطط على أمل أن نصل للحل المثالي بينما العمل لا ينتظر والكمال لن يتحقق على الأرض أرى أن التفكير الجيد مهم لكنه لا يجب أن يسبق الفعل دومًا أحيانًا نتعلم أثناء التنفيذ ما لم يكن ليخطر ببالنا في ألف ساعة تفكير الحل ربما في التوازن بين الفعل والتأمل لا أن نغرق في أحدهما على حساب الآخر