تعريف النقد  

إن معظم الناس يعتقدون أن النقد هو ذكر الجوانب السلبية في شخص معين أو في فعله أو في قوله. ورغم أن هذا جانب من جوانبه، إلا أنه لا يعبر عنه بشكل كامل.  

فالنقد في أصله هو دراسة لطبيعة حالة معينة ومحاولة تفسيرها وذكر إيجابياتها وسلبياتها وسماتها الذاتية وما يميزها عن غيرها وهويتها. والهدف الأساسي من النقد هو إعادة تشكيل الحالة بأفضل مما كانت عليه، لتجنب أكبر قدر ممكن من السلبيات وتحقيق أقصى استفادة من الإيجابيات.  

والنقد مهم للحفاظ على استمرارية الحياة، لأنه إذا بحثت في سبب فشل أي كيان معروف، ستجد أنه ظن في نفسه الكمال وتوقف عن قبول النقد ممن حوله أو من الآخرين. وهنا نتطرق للموضوع التالي.  

أهمية النقد

تكمن أهمية النقد في أنه يبصرنا بالعواقب والفخاخ القادمة قبل أن نصل إليها، من خلال تحليل كل المعطيات ودراستها. وبالتالي يمكننا من تفادي الأزمات والمشاكل الكبرى وحل المعضلات وهي صغيرة، والحفاظ على إيجابيات أي مشروع أو نشاط والاستفادة منها.  

مما يؤدي إلى استمرارية النشاط والحفاظ على ديمومته. فالنقد جزء لا يتجزأ من عملية التقدم والتطور والتعليم، لأنه يجعلنا نبصر طريقنا بوضوح ونتفادى العقبات.  

وفي الإسلام، تم الحث على التواضع والتوبة، وهما مبدآن يعتمدان بشكل أساسي على النقد للحفاظ على الإيمان، لكي لا يتراجع أو يغلبه الهوى. ولكن ورغم كل هذه المزايا، إلا أن الممارسة السلبية للنقد بعيدًا عن هدفه، ويبدو أن من ليسوا بخبراء فيه قد نفرت الناس منه، وصار العامة يرتكبون أخطاء كثيرة عند التعرض للنقد ويخلطون بينه وبين التنمر والهجوم الفظ.  

أخطاء التعامل مع النقد

أخطاء يرتكبها معظم الناس عند استقبال النقد 3 وإليك أهمها:  

1. المقاطعة

إن أهم قواعد النقاش هي الإنصات أولاً ثم التفكير ثم الرد. وكما ترى، فالإنصات هنا يعني أن تترك الآخر ينهي كلامه للنهاية، وتحاول أن تفكر في كلامه قبل الرد.  

إن المقاطعة تعتبر من سوء الأدب وتعبير عن تدني في أخلاق الإنسان، إلا في بعض الأحيان، فما بالك بشخص يبحث عن مصلحتك وقد سمحت له بالكلام، فما بالك تقاطعه؟ دعه يكمل، بعض الناس يظنون بأن النقاش معركة في مسرح روماني، وتجدهم يبالغون في ردود أفعالهم ويتحدون الطرف الآخر ويهزؤون به إن لم يستطيعوا الرد عليه، وخاصة في حالة النقد.  

العبرة في النقاش هي الفائدة لا بمن المحق في كلامه، ولن تستفيد شيئًا إذا انتصرت في نقاش وأنت على باطل، لذا لا تستعجل الرد، بل فكر فيما إذا كنت تحتاج أن ترد أصلاً. لماذا؟ لأنك لست في حرب، لن أضيع وقتي وأضع مجهودًا ذهنيًا وعمليًا لكي أدرسك وأنتقدك فقط لأنتصر عليك كلاميًا أو لأظهر تفوقي الفكري، لأن هذا لن ينفعني في أي شيء.  

2. الغياب الذهني

هذه الخصلة أسوأ من سابقاتها. فأنت تظن بأن الشخص منصت لك وموافق على كلامك أو يفكر فيه، وهو في الواقع يتصور شكل البيتزا التي يأكلها! الأمر مزعج خصوصًا عندما يطلب الشخص منك الكلام بنفسه، وتجده لا يتابعك ولا يكترث لكلامك.  

إن من أبسط قواعد الاحترام هي الانتباه للمتحدث والاهتمام بكلامه. وخاصة أن النقد هو دراسة طويلة الأمد، ونتائجها قد تغير مجرى الأمور، لذا يجب أن تقرأ أو تسمع بعناية فائقة.