الذكريات الرقمية قد تصبح بديل الذكريات الحقيقة، ما مدى اتفاقكم مع هذه الفكرة؟

بالفعل أدت التفاعلات الرقمية إلى تغيير نمط التفاعلات الحقيقية وحلت محلها، كما أصبحت تحتل ذاكرتنا بشكل كبير مع تزايد مشاركة جميع تفاصيل الحياة عبر الشاشات، ونلاحظ أيضاً أن التركيز على توثيق اللحظات ووضعها على مواقع التواصل على شكل منشورات وصور أكبر من التركيز على عيش اللحظة بشكل فعلي، وهذا التحول خلق تباعد كبير بين الأفراد وتسبب في محو الذكريات الحقيقة الرائعة، وأصبحت العلاقات الإنسانية غير عميقة ووطيدة كما تميزت على مر العصور.

المنصات الرقمية صنعت عالما موازيًا، وأصبح يسيطر بالفعل على عقول أغلب المستخدمين؛ لذا أتفق معك أن هذه المنصات ساهمت في تشويه نمط التفاعلات الحقيقية، وأصبحت مقاييس الناس في الحكم على العلاقات مضطربة.

من وجهة نظرك كيف يمكننا الفصل بين التفاعلات الرقمية والواقع الحقيقي؟

اتفق بشدة، لقد تحولنا بالفعل!! ، استعضنا عن الزيارات بمكالمات الماسينجر وأصبحت المعايادات برسائل ومكالمات، التهنئة على النجاح او الحصول على وظيفة صارت على منصات التواصل الاجتماعي، عيادة المريض أصبحت بكومنت، لقد تغير كل شيء.

لا أتفق تماما مع الفكرة، فحتى في المواقف التي ذكرتها قد تكون غفلتهم عن ذكر الأسباب المرتبطة بالواقع هو فقط بعدها عن الفترة الزمنية التي دار فيها الحوار، بينما التفاعل على السوشيال ميديا يكون بشكل دائم ومستمر وربما بشكل يومي وإذا كنتم لا ترون بعضكم البعض بشكل دائم لسبب أو لآخر من الطبيعي أن تكون تفاعلاتكم الرقمية هي الأقرب للذاكرة والمشاعر، أجد الأمر طبيعي تماما، ولو أنكم قمتم بصنع المزيد من الذكريات الواقعية في هذه الفترة وعاودت النقاش في نفس الموضوع، ستجد أنها ستحل محل كل ما أشرت إليه.

حقيقة مؤلمة أخرى حول تأثيرت المنصات الاجتماعية الرقمية ، أتذكر في فترة فكرت أن أنقطع عن مواقع التواصل بحجة أن التواصل الحقيقي أهم وأن من يرغب في رؤيتي حقاً يجب أن يأتي ألي ، الغريب لم يفعل ذلك سوى واحداً فقط من أصدقائي ، أما الجميع فانقطع ، وعندما حاولت فهم السبب تعلل الآخرين من كونهم لا يستطيعوا بسبب نمط الحياة السريع والمتسارع من التوقف والتواصل الحقيقي ، وبرغم أن هذا عذراً قبيح لكن وجدت أنه منطقي بتحليل ظروفهم ، أتعلم عندما وافقت وقبلت بالوضع الجديد على مضض ، وجدت أنهم أيضاً أصبحوا مقلون حتى في التواصل الرقمي .. وتأكدت أن المنصات الرقمية تحولنا بشكل أو بآخر إلى مسوخ مشوهة من شخصيات نعتقد إنها نحن.

موضوع مهم، وله بُعد مستقبلي.

لكني في الوقت الحالي -على الأقل- لا أرى الأمر بهذا السوء. السوشيال ميديا عملت توثيقًا لهذه الذكريات، وقد كان من الصعب توثيقها مسبقًا بهذا القدر من الدقة.

السوشيال ميديا تذكرك بالتاريخ، وما حدث بالتفصيل، وترفق لك صورة أو فيديو، وتذكّرك بمن كان متواجدًا حينها معك ومن فرح لأجلك ووضع لك ريأكت، إلخ. السوشيال ميديا جمعت كل أشكال التوثيق في مكان واحد.

على عكس زمان، كان من الصعب توثيق كل ذلك مرة واحدة.