دائمًا ما يُعتقد أن الشخص المثقف هو من يتمتع بمعرفة واسعة، ويتحدث بعدة لغات، ويحمل درجات علمية متقدمة، ويُعرف بحكمته في الحديث والتفكير. ولكن مقولة عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين: "المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ"، تعيد النظر في هذا التصور التقليدي. إذ أن أينشتاين يلفت الانتباه إلى أن المثقف، على الرغم من معرفته الواسعة، يركز غالبًا على حل المشكلات بعد حدوثها، بينما العبقري يتميز بقدرته على استشراف المشكلات ومنعها قبل أن تتفاقم او حتى ان تحدث. هذا الفارق يعزز من مكانة العبقري كصاحب رؤية مستقبلية وقدرة على التفكير الاستباقي، مما يجعله أكثر تأثيرًا وفعالية في تجنب الأزمات وتحقيق الاستقرار. بالتالي، يمكن أن تُغير هذه النظرة فهمنا التقليدي للمثقف، وتدفعنا لتقدير القيمة العالية للفكر الإبداعي والاستباقي الذي يتميز به العباقرة. لذا هل حقا يمكننا أن نعتبر أن العبقرية تتفوق على الثقافة في عصرنا الحالي ؟
"المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ." البرت انشتاين
طرحك مميز بالفعل، ويذكرني بالمقارنة بين مفهومي "الوقاية Prevention" و"العلاج Protection"، وأيهما أكثر نجاعة.
شخصيًا، أرى أن كلا النوعين مطلوبين، وكلاهما يتميز بخصائص تختلف عن نظيره. فالمثقف غالبًا يكون أكثر تعمقًا في المجالات المُحددة المتاحة بين يديه، بينما العبقري نظرًا لقفزه بين الكثير من المجالات ومحاولته ربطها ببعضها حتى يتمكن من استشراق ما قد يحدث يومًا ما، فهو لا يحتاج للتعمق في مجال بعينه.
ولكن بالنهاية، بالطبع الوقاية هي أثمن وأهم من العلاج، ولكن لا ضير في تقبلنا النوعين خاصة أن نسبة العباقرة ليست كبيرة على مستوى العالم.
صحيح، العبقري هو الذي يستطيع التفكير بأساليب مختلفة تعتمد على التحليل والتدقيق الشامل للأمور، ومن ثم يقوم بتحويلها إلى أفكار يسهل فهمها وابتكار أفضل الحلول للمشاكل المختلفة لتفادي حدوثها، على عكس المثقف الذي غالباً ما يسعى إلى الحل ولكنه قد لا يدقق في التفاصيل، أو لا يهتم باختيار الطريقة المثالية للحل بحيث يمنع حدوث المشكلة من البداية.
لذاهل حقا يمكننا أن نعتبر أن العبقرية تتفوق على الثقافة في عصرنا الحالي ؟
هذا العصر هو عصر الطرق المختصرة، وتوفير الوقت. لذا أي محاولة في هذا الاتجاه بالطبع ستكون مطلوبة ومتفوقة على نظيرتها التي تتطلب وقت وجهد أطول.
لكن العبقرية في كل العصور تفوز. ربما عصرنا فقط أصبح يوليها أهميتها التي تستحقها بعدما زاد الوعي بهذه الأهمية.
لكن العبقرية في كل العصور تفوز. ربما عصرنا فقط أصبح يوليها أهميتها التي تستحقها بعدما زاد الوعي بهذه الأهمية.
لا أرى ذلك حقيقة. أستمع لمئات الناس ممن أعدهم عباقرة في مجالهم، ولا يستمع لهم لا المسئولون، ولا الناس في آرائهم. وأقرب مثال يحضرني هم خبراء التغير المناخي، استطاع البعض منهم تحليل كم ضخم من البيانات، والتوصل لأمور محددة لابد وستحدث قريبا. لكن، لا أرى استجابة واضحة لمنع أو التخفيف من أثر الحدث.
هذا المبدأ يعتمده علماء النفس والفلاسفة أيضاً، وهو من وجهة نظرهم قائم على أن العباقرة ليسوا أهل الخبرة بل أهل المعرفة والمعرفة أم الخبرة، لأنها قائمة على الدراسات العلمية، التي يتم بها الفهم والوقوف على الأسباب والعوامل والمتغيرات، ومن ثم يمكن التنبؤ بحدوث الأمر والتحكم به أيضاً، ولذلك تشيع هذه المقولة وهي صحيحة تماماً من وجهة نظري
التعليقات