حدثت هذه القصة في اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية حين أرسل الامبراطور اسطولا من جنوده إلى جزيرة صغيرة في الفلبين، وكانت أوامره كالآتي:

إبطاء تحركات العدو، القتال حتى آخر نفس، وعدم الاستسلام أبدا..

فذهب الجيش وحارب بكل قوته لكن بعد مدة من الزمن ألقت الو.م.أ قنبلتي هيروشيما ونجازاكي على اليابان، فأعلنت فأعلنت هذه الأخيرة استسلامها...

لكن اونودا -وهو ضابط في الجيش الياباني وبطل قصتنا هذه- وزوملائه لم يسمعوا بالخبر وظلوا مختبئين في غابات الفلبين يقاتلون وينفذون أوامر الامبراطور...

وبعد مدة أرسلت أمريكا طائراتها تمطر قصاصات الورق على كل الجزيرة وغاباتها لتخبر هؤلاء الجنود بما حدث وأن بلادهم خسرت الحرب، لكن اونودا لم يصدق وظن أنها خدعة أمريكية ستقوده إلى حتفه، فمزق الاوراق وتابع في ما كان يفعله.

فازدادت كمية الجرائم في تلك المنطقة وتمكن اونودا من اغتيال الكثير من الشخصيات... فأرسلت الدولتين من جديد طائراتها تخبر هؤلاء الجنود أن الحرب قد انتهت وأن بلادكم خسرت الحرب.

لكن رغم ذلك إستمر اونودا في القتال ... وربما لا تصدقون هذا، لكن هذه الحال استمرت أكثر من ثلاثين سنة حتى استطاع أحد الشباب الذي تطوع للبحث عن هذا الجندي ايجاده واقناعه أن الحرب قد انتهت فعلا، وأن الامبراطور الذي تحارب من أجله قد توفى منذ زمن..

يقول اونودا حين عاد إلى اليابان وقد أصبح ذو شهرة واسعة أنه لم يندم أبدا على ما فعله، وأنه يشعر بالفخر كلما تذكر تلك الأيام ولو تكرر الأمر لفعل نفس الشيء.

لكن ما قاله أيضا حين رأى ما تحولت إليه اليابان كيف تغيرت العادات، وسلبت ثقافة وحضارة البلاد، وكيف ضاع الشرف والتضحية.. قال: كانت تضحيتي بلا معنى..

لقد شعر بالاكتئاب والحزن حين رأى أن حياته وحياة زوملائه راحت سدى، لم يحزنه ما كان يعانيه طيلة الوقت في الغابة وسط الجوع والعناكب لكن ما أحزنه هو أنّ ما آمن به وضحى لأجله لم يؤمن به.

هذه قصة اقتبستها من أحد الكتب التي قرأتها، كانت قصة رمزية استعملها الكاتب لطرح قضية مهمة وهي القيم.

إن القيمة هي ما تقود الانسان.

إذا اعتبرت اونودا شخصا مجنونا فهذا لأنك تختلف معه في القيم، بالنسبة إليك التضحية بثلاثين سنة من حياتك لقتل أشخاص أبرياء في جزيرة فليبنية هذا هو الجنون بعينه... لكن بالنسبة إليه كان يعني الحياة، الشرف، التضحية.

ولعله إذا أخبرته بقيمك في الحياة لارتمى ضاحكا...