في الوقت الذي كانت فيه بلدان المغرب العربي ترزح تحت نير الاستعمار الأوروبي، كان عدد من دول المشرق العربي، خاصة العراق والشام ومصر، تشهد نهضة ثقافية راقية على مستوى الكتابة والنشر، في مجالات الآداب والفنون والبحث الفلسفي والديني، وكان الإشعاع المشرقي يضيء كل مكان في العالم العربي. لكن رغم تبني هذه النهضة الثقافية لمشروع العروبة نظريا، إلا أنها لم تدرج المغرب العربي ضمن اهتمامها، وشكّلت مركزية صارمة متعالية اختصرت العروبة في جغرافية محدودة لا تتعداها وتاريخ معين ورمزيات معينة محدودة بإطارها المكاني المغلق، بل أحيانا ما كانت تستثني الثقافة المغاربية من الانتماء العربي وتراها مجرد ملحق بالعالم العربي، وليست متنا كامل الوجود فيه.

لقد لعب الاستعمار دوره السلبي حتى جعل بعضا من الإخوةالمشارقة لا يتصورون وجود ثقافة عربية في المغرب العربي؛ لذا، كثيرا ما نجد كتبا تحمل وصف العربي في الشعر والرواية والمسرح والنقد، ولا نجد فيها ذكرا للثقافة المغربية وأسمائها ورموزها، وقد كان هذا محل جدل ونقاش بين المشرق والمغرب لسنوات طويلة. وبعد استقلال الدول المغاربية وتطور التعليم، وانتشار حملات التعريب، بدأ المغاربة في تقديم بدائل ثقافية في الأدب والنقد والفلسفة والإنسانيات عامة، وبدأت الثقافة المغاربية تنتشر خارج حدودها، مزودة بخطابات معرفية تضرب بجذورها في التراث العربي من جهة، ومن جهة أخرى تمتد عميقا في الثقافات المعاصرة.

لماذا يجهل المشارقة الأدب عند المغاربة؟

من المسؤول؟ هل هم المغاربة أنفسهم أم المشارقة؟