عندما تسوء الأحوال في بلد ما - مصر على سبيل المثال - يصبح كل من تقابله في الشارع بحاجة إلى الدعم والتعبير عن التضامن بأي شكل. كلمة طيبة، ابتسامة في وجهه، دعوة صادقة... إلخ.

تحت وطأة الفقر والقهر المجتمعي وازدياد نسبة البطالة وعدّد ما شئت من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تُلقي بظلالها على الشعب المسكين الذي يدفع ثمن أخطاء حمقى آخرين يجب أن تظهر في المجتمع فئة تحاول تخفيف آثار هذه الكوارث.

من الأمثلة على ذلك حساب لطيف وجدته على منصة تيك توك التي يشتكي البعض من محتواها الإباحي والتافه. فكرة الحساب قائمة على الشعور بالغير، تقديم الدعم والتضامن لكل مكافح من أجل لقمة العيش!

أظن أن الفكرة بدأت تنتشر في صيف 2022 حسبما أذكر، انتشرت عدة فيديوهات لأشخاص يتجولون بالكاميرا مادّين أيديهم المغلقة ويطلبون من أشخاص غرباء لمسها كأنها باب يطرقون عليه فيفتحون إيديهم وبداخلها هدية بسيطة مثل وردة، بسكوت، شيكولاتة، في رمضان مثلاً فانوس صغير وهكذا. وتلاحظ في الفيديوهات مدى سعادة الأشخاص الذين يتلقون هذه الهدية بالرغم من رمزيتها إلا أنها أدخلت السرور على قلوبهم في ظل الأحوال المتردية التي يعيشونها يومياً.

أعجبتني الفكرة وبدأت أتابع عدة حسابات تعتمد على ذلك، لكن كان هناك هذا الحساب الذي أبهرني بحق. لم يكن لمجرد "التريند" ولم يختفي كما اختفت بعض الحسابات الأخرى التي قدّمت نفس الفكرة، ولم يعتمد على هذه الفكرة بحذافيرها ويكررها للحصول على مشاهدات فقط. بل حاول أن يبتكر ويطوّر ويبني على الفكرة تنويعات أخرى رائعة.

فمثلاً ركّز على تقديم هدايا للأطفال ورصد فرحتهم بها مهما كانت بسيطة:

نوعية أخرى يركّز فيها على كِبار السن وما أدراك ما كِبار السن والهموم التي يحملونها دون اختيارٍ منهم وإنما بقوة الظروف وأعباء الحياه. فيجدون شخصاً لا يعرفهم يقدّم إليهم هدية متواضعة فيطيرون بها فرحاً وتلمع وجوههم بالابتسامة ويمضون في الحياه لاستكمالها مهما كانت الظروف.

وأما عن المساعدات العينية والمادية وإن اختلفت وجهات النظر في موضوع إخفاءها أو إعلانها والحديث عن الرياء وما إلى ذلك من آراء دينية فليس هذا موضوع التدوينة. وإنما لاحظ حتى عندما أراد تقديم مساعدات مادية كيف فعل ذلك بطريقة جيدة غير مُحرجة لأحد.

وكذلك المساعدات العينية، فهنا مثلاً يوزّع طاقيات على المارّين في الشارع للتخفيف من حرارة الشمس

مثل هذه الأفكار أرى أن من واجبنا تشجيعها والحديث عنها وحثّ الناس على تقديم المزيد منها، لأننا في هذا الأمر معاً ولنخبر الآخرين أن الدنيا لسه بخير، وألا نحمل همّ المستقبل على أكتافنا.. علينا فقط أن نعيش اللحظة الراهنة.