"إن المال الذي فى يدك هو وسيلة إلى الحرية، أمّا المال الذى تسعى إليه فهو طريق العبودية"!
هكذا عبر المفكر الفرنسي جان جاك روسو عن نظرته للمال، فما هو إلا سلاح ذو حدين.. أحيانا يجلب النفع والسعادة، وأحيانا أخرى يجلب الضرر والمتاعب!
ولطالما لاحظت أن معظم الناس ـ على عكس روسو ـ يعتبرون وفرة الأموال بمثابة طريقا مضمونا لتحقيق السعادة والتحرر. وكأن الأموال هي المسبب الرئيس لتلك المشاعر، وبمجرد وجودها يلزم عنها الشعور بالسعادة والإستقلالية!
بالطبع لا يستطيع أحد إنكار ضرورة توافر الأموال لتسيير الأمور الحياتية، وتحقيق الاكتفاء المادي إن صح التعبير، لكن ذلك الدور الإيجابي للأموال لا ينفي أبدا أثارها الجانبية السلبية على حياة الأفراد والمجتمعات أحيانا..
فمثلا، كثيرا ما يضطر البعض للقيام بأعمال مخالفة لمبادئه وقناعاته؛ فقط ليجني نصيبا من المال يعينه على قضاء حاجاته!
كذلك قد يتخلى البعض عن حريته أو جزء منها ـ طواعية ـ في سبيل تحقيق بعض المكاسب المادية!
ولعل ما نعاصره من حالات الجمود الوظيفي، ما هي إلا مثال على ذلك التخلي الطوعي عن القناعات والحريات.. فبعض الموظفين قد يصل به الأمر لإلغاء عقله ومشاعره تماما، لتنفيذ ما يُطلب منه دونما نقاش أو فهم، على أقل تقدير.. وجُل ما يهمه هو الحصول على المقابل المادي المرجو من تلك الوظيفة، أيا كانت طريقة تحقيق ذلك!
وتحضرني هنا رؤية المفكر المصري مصطفى لطفي المنفلوطي للدور الذي تلعبه الأموال بحياتنا، عندما قال.. "إنني لا أعرف سعادة في الحياة غير سعادة النفس، ولا أفهم من المال إلا أنه وسيلة من وسائل تلك السعادة، فإن تمت بدونه فلا حاجة إليه، وإن جاءت بقليله فلا حاجة إلى كثيره".
والآن.. تُرى أي الرؤيتين أقرب لرؤيتكم الخاصة للمال؟ وبرأيكم ما السبيل لتحقيق الإستقلال المادي، دون تنازلات؟!
التعليقات