شرح نظرية النوافذ المحطمة التي لاحظها العرب قديما واكتشفها الغرب مؤخرا

قد لا تصدق أن الكثير من النظريات الاجتماعية (أقول النظريات الاجتماعية وليس النظريات العلمية) التي اكتشفها الغرب مؤخرا قد لاحظها العرب القدامى في الحياة وعبروا عنها بأشعار وأمثال وأقوال مأثورة وغير ذلك.

هذا كلام يجب ان لا يقال في نقاش ذو مستوى محترم، فكرة تمجيد وتشريف عرقية او افكار لم تثبت قوتها الا من خلال عقد مقارنة بالناجح من قبلها امر غير مقبول، هي مجرد محاولة عربنة المعرفة مثلها مثل اسلمة المعرفة واثبات الاعجاز اعلمي في القران مثلا، وهي امور لا مصداقية لها على الاطلاق.

أقول النظريات الاجتماعية وليس النظريات العلمية)

هذا نوع من التلاعب بالمسميات لا اكثر، فالعرب لم يكن لهم نظريات أصلا، ومصطلح النظرية من الاساس مصطلح جديد جاء في العصر الحديث ولم يكن قبله، فلا توجد نظرية اجتماعية عربية ولا هم يحزنون.

القراءة في مسألة النوافذ المكسورة أمر كان جداً مُمتع قبل فترة من الوقت، حيث كنت أعدّ بحثاً للجامعة عندي، عن أمور استطاعت الشرطة تطويرها في فهم موضوع الجريمة وكيف تتكوّن ومم تبدأ وكيف يمكن تقليل معدّل الجرائم في العالم،قبل تطوير وتنفيذ العديد من النظريات مثل النوافذ المكسورة، كان علماء الاجتماع والمحققين والشرطة وحتى القضاة أيضاً وكل من لهُ علاقة بمسألة إنفاذ القانون يميلون إلى التركيز على الجرائم الخطيرة أي أن الشاغل الرئيسي كان مع الجرائم التي كان يُنظر إليها على أنها الأكثر خطورة وتأثيرًا على الضحية مثل الاغتصاب والسرقة والقتل. كان تركيز جميع من سبق على المسألة الكبيرة، الفعل الأكبر في الأمر، ما الذي فعله المجرم فعلاً في النهاية، ما استطاعوا كسبه ويلسون وكيلينج بالحقيقة ليس أنّهم أوجدوا أموراً لم يكن المجتمع يعرفها، هذا موجود في كتبهم السماوية وأستطيع ذكر عدّة أمثلة لا واحد، ولكن حديثنا الأن أهم برأيي، هو مسألة التقليل من الجرائم وأثر نظرية النوافذ المكسورة الرائعة التي ذكرتها، استطاعوا بها قلب وجهات النظر، في جعل وجهة نظر البوليس مختلفة. لقد اقتنعوا بتطويرها والتجارب التي أجروهاّ أن الجريمة الخطيرة هي النتيجة النهائية لسلسلة طويلة من الأحداث أولها صغير جداً ويمكننا التحكّم به واستطاعوا اقناع المجتمع القانوني، رجال العدالة أن الجريمة تنبع من الفوضى وأنه إذا تم القضاء على الفوضى فلن تحدث جرائم خطيرة. بهذا أحدثوا فرقاً كبيراً في مجتمعاتهم يبدو أننا إلى الأن لم نستفيد منه رغم أننا نملك المعرفة، المعرفة الغير مُطبّقة حتى الأن والشاهد على ذلك معدّل جرائمنا الهائل في العالم العربي مقابل أوروبا.

أحسنت صنعاً،

فبطبيعة الحال، فإن الفارق الزمني بين الحضارات يجعل اتجاه خط سيرها من الحضارة العربية والإسلامية إلى الحضارة الغربية الحديثة، فلا عجب أن يتأثر هؤلاء الفلاسفة والمفكرون بما تحدث به العرب قبل مئات الأعوام، تماماً كما تأثر العرب بالحضارات السابقة لهم مثل الحضارة الرومانية الإغريقية وحضارات بلاد الهند والسند، وحضارات وسط وغرب آسيا وغيرها.

فكل الحضارات تسلم بعضها بعضاً وتسير الحكمة من هنا إلى هنا حسبما تكتبه الأقدار وتتوارثه الشعوب.

موضوع جميل