في مسرحية الشاعر جوتة، يسأم “فاوست” الشيخ العلامة من كتبه التي لا تروي ظمأه ولا تطلعه على الحقيقة الخالدة. فقد درس الطب و الفلك و النجوم وحكمة الأقدمين، فلم تبلغ به حد اليقين في شيئ. ولكن هل يقدر لأحد من أبناء الفناء أن يبلغ الحقيقة؟ عاد فاوست صفر اليدين على حد قول حكيم المعرة:

وعالمنا المنتهي كالصبي قيل له في ابتداء تهج!

لجأ إلى السحر الأسود فظهر له الشيطان. ساومه على روحه مقابل أن يُعيده شاباً ليغترف من معين الحياة الحقيقة - لا حياة الكتب. راح فاوست يجرب كل رزيلة وذاق كل لذة وطوًف بالأرض. ثم في الأخير أدرك خطأه وركع يرجو العفو. ولكن هل لعالمنا فاوست من غفران وقبول؟ نعم، أنجاه جوتة وقبله الرحمن الرحيم وصعدت الملائكة لا الشيطان بروحه -وهو يجود بنفسه- إلى السماء! قال فاوست معلنا توبته وندمه: إنني أجثو إلى الله العلي القدير طالباً عفوه. ثم يقرً معترفاً: أعرف الآن بأني خاطئ وتلك أسمى معرفة!

الشاعر العظيم جوتة أنجى فاوست لأن خطأه خطأ قابل للغفران؛ روحه تتوق إلى الحق فأخطأت الطريق. أخطأ فاوست طلباً للمعرفة. روح الإنسان فيه- بما هو إنسان- تتوق إلى المعرفة وإلا فما الفرق بين إنسان وحيوان؟!! لم يكن خطأ جحود ونكران وإنما خطأ تشوًف للمعرفة.

من فترة قرات أن علماء أمريكان وصينيين قاموا بعمل تجربة بحقن نطفة آدمية في نوع من القردة العليا الإناث بغرض الأخصاب. بالفعل أخصبت البويضة وراح جنين قرد بشري يتكون! ثم ثارت المسائل الأخلاقية ولذا بعد عشرين يوما من النماء، أوقفوا العلماء التجربة وقتلوا الجنين. العلماء راحو يعتذرون بأنهم “ لا يريدون خلق انسان قردي لكي يقوموا بزراعة الإعضاء. هم فقط يريدون أن يدرسوا مراحل تطور الجنين البشري في أول أسابيعه ولم يجدوا أقرب إلينا تطورياً من القرود!!

هنا نتساءل : هل هناك حدود للمعرفة الإنسانية؟ ولماذا تقف الأخلاق عقبة في وجه الانجاز البشري؟ ولماذا لا نستحدث قرد بشري ونستفيد بأعضائه في زراعة الأعضاء؟